والحق أنه إن اشترط فيه أي في العلم الإجمالي الجهل بالتفصيل امتنع عليه تعالى وإلا فلا يمتنع فإن قيل فينتفي حينئذ عنه تعالى علم حاصل للمخلوق وهو العلم الإجمالي قلنا نعم وهو أي ذلك العلم المنتفى عنه تعالى هو العلم المقرون بالجهل وهذا القيد يجب انتفاؤه عنه تعالى وبالجملة فالمنفي عنه تعالى هو القيد أعني كونه مع الجهل وأنه لا يوجب نفي أصل العلم بل هو ثابت له مجردا عن ذلك القيد الذي يستحيل عليه تعالى الفرع الثاني المشهور أن الشيء الواحد قد يكون معلوما من وجه دون وجه قال القاضي الباقلاني المعلوم غير المجهول ضرورة فمتعلق العلم والجهل شيئان متغايران قطعا وإن كان أحدهما عارضا للآخر كما إذا علم باعتبار ضحكه وجهل باعتبار كتابته أو بينهما تعلق آخر سوى تعلق العروض على أحد الوجهين أي تعلق كان من التعلقات كالجزئية والكلية والاتصال والمجاورة فإن هذه التعلقات لا تقتضي اتحاد المعلوم والمجهول بل تغايرهما والتسمية مجاز يعني أنه إذا كان المعلوم عارضا للمجهول أو كانا عارضين لثالث أو كان بينهما تعلق بوجه آخر وأطلق على هذه الصور أنها من قبيل كون الشيء الواحد معلوما من وجهه ومجهولا من وجه آخر كان هذا الإطلاق من باب التجوز ولا مشاحة ولا منازعة فيه أي في الإطلاق مجازا فإن بابه مفتوح ولا يشتبه عليك بما أسلفناه لك أن عارض الشيء قد يلاحظ في نفسه فيكون العارض معلوما مع كون حقيقة الشيء مجهولة فيتغاير المعلوم والمجهول وقد يجعل آلة لملاحظة الشيء وحينئذ يكون ذلك الشيء معلوما باعتبار عارضه ومجهولا باعتبار حقيقته
(٧٩)