يوجد له كون غير مسبوق بآخر لزم القسم الثاني لأن كل كون له فإنه مسبوق بكون آخر فوجب أن يكون قبل كل كون لا إلى نهاية إذ على ذلك التقدير الذي نحن فيه لو وجد كون لا كون قبله لزم خلو الجسم عن الكون وأنت خبير بأن القسم الثاني لا يحتاج إلى هذا البيان لأنه إذا لم يوجد له كون غير مسبوق بآخر كان كل كون له مسبوقا بكون قبله لا إلى نهاية إنما المحتاج إلى البيان هو القسم الأول بأن يقال ذلك الكون الذي ليس مسبوقا بمثله يجب أن يكون مستمرا أزلا وإلا لزم خلو الجسم عن الكون نعم لو قيل إن وجد له كون قديم فهو القسم الأول وإلا فلا بد أن يكون قبل كل كون كون آخر إذ لو وجد له كون لا كون قبله لزم خلو الجسم عن الكون لانتظم الكلام وأما بطلان التالي فأما القسم الأول وهو قدم الكون فبمثل ما بينا به حدوث السكون وأما القسم الثاني وهو تعاقب الأكوان إلى ما لا نهاية له فبالتطبيق وطريقة التضايف وغيرهما من أدلة بطلان التسلسل ولا يخفى عليك أن في هذا المسلك طرحا لمؤنات كثيرة كانت في المسلك الأول من بيان كون السكون وجوديا إذ قد اختلف فيه فذهب الحكماء إلى أنه عدم الحركة عما من شأنه الحركة فيجوز حينئذ زواله لأن إعدام الحوادث تزول بوجوداتها مع كونها أزلية فإن الكون الذي ذكر في هذا المسلك لا شك في أنه وجودي بلا خلاف ومن بيان أن الجسم لا يخلو عن الحركة والسكون فإن لقائل أن يقول هو في الأزل لا متحرك ولا ساكن لأن كلا منهما يقتضي المسبوقية بالغير فلا يصح اتصافه بشيء منهما في الأزل ومن سقوط قولهم السابقية والمسبوقية في الحركة بالفرض إذ لا أجزاء لها إلا بالوهم وفي الخارج هو أي الحركة كون واحد مستمر بين المبدأ والمنتهى لما مر من أن الحركة تطلق على الأمر الممتد ولا وجود له في الخارج بل يمتنع وجوده فيه
(٦٢٤)