عليها في كل واحدة من الملاحظتين وإنما سميت العوارض الذهنية معقولات ثانية لأنها في الدرجة الثانية من التعقل واعلم أن الماهية الموجودة في الذهن إذا أخذت من حيث هي ذهنية كانت ممتنعة الحصول في الخارج سواء كانت تلك الصورة الذهنية مأخوذة من الممتنع أو من الممكن وأما إذا نظر إليها من حيث هي مع قطع النظر عن اعتبار كونها ذهنية فقد تكون ممتنعة وقد لا تكون إلا أن الحكم بامتناعها أو إمكانها لا يمكن إلا حال وجودها في الذهن وقال المتكلمون هو أي كون العلم عبارة عن الوجود الذهني باطل لوجهين الأول لو كان التعقل بحصول ماهية المعقول في ذهن العاقل فمن عقل السواد والبياض وحكم بتضادهما يكون قد حصل في ذهنه السواد والبياض فيكون الذهن أسود وأبيض إذ لا معنى للأسود والأبيض إلا ما حصل فيه ماهية السواد والبياض لكنه باطل قطعا لأن هذه الصفات منتفية عنه وأيضا يجتمع الضدان في محل واحد وهو سفسطة الوجه الثاني حصول ماهية الجبل والسماء في ذهننا معلوم الانتفاء بالضرورة وتجويزه مكابرة محضة وجواب الوجه الأول أنه إنما يلزم كون الذهن أبيض وأسود لو حصل فيه هوية السواد والبياض أي ماهيتهما الموجودة بالوجود العيني المسمى بالوجود الخارجي الذي هو مصدر للأثار الخارجية ومظهر للأحكام لا ماهيتهما الموجودة بالوجود الظلي المسمى بالوجود الذهني إذ قد علمت في مباحث الوجود الذهني أنه لا معنى للماهية إلا الصورة العقلية المتصفة بوجود غير أصيل وعلمت أيضا أنها أي الصورة العقلية مخالفة للهويات الخارجية المتصفة بوجودات أصلية في اللوازم التي تكون للموجود الخارجي باعتبار خصوصية مدخل فيها كما تنبهت له من قبل
(٥١)