المواقف - الإيجي - ج ٢ - الصفحة ٤١٣
البعد الموجود أو الموهوم وأنه أي الخلاء بكلا معنييه محال فكيف يتصور وجود الجهة فيه أو الملأ المتشابه أي أو هي في الملأ الذي لا يوجد فيه حدود مختلفة الحقائق وهو الجسم الذي لا يتناهى فلا يكون هناك جهات متخالفة الماهية إذ لا يكون أحد جزئيه أي جزئي الملأ متشابه مطلوبا بالطبع والآخر متروكا بالطبع لأنهما متشابهان في الماهية وكذلك الحدود المفروضة فيه لا تكون جهات موجودة متخالفة فلا يتصور طلب بعض الأجسام بالطبع لبعضها وهربه عن بعض آخر منها وقد علمت في مباحث الاعتمادات أن الجهات على كثرتها اعتبارية متبدلة بحسب الأحوال المتغيرة فلا تدخل تحت الضبط ما عدا العلو والسفل فإنهما جهتان حقيقيتان لا تتبدلان أصلا وإحداهما في غاية البعد عن الأخرى فإذن لا بد من جسم يحددهما ويعين وضعهما ويكون ذلك الجسم المحدد كرويا ليتحدد القرب بمحيطه وهو العلو ويتحدد البعد بمركزه وهو السفل لأن المركز هو أبعد نقطة عن المحيط بحيث يستحيل أن يفرض في داخله ما هو أبعد منها لأن غير الكروي من الأجسام لا يحدد إلا القرب منه وأما البعد منه فغير محدود لا به وهو ظاهر ولا بغيره من أجسام أخر إذ يمكن فرضه بحيث يكون البعد أكثر فلا ينضبط بهما جهتان إحداهما في غاية البعد عن الأخرى ويكون ذلك الجسم المحدد الكروي واحدا وإلا فإما أن يحيط بعضها ببعض فيكون المحيط هو النهاية الحقيقية التي تنتهي الإشارات الحسية بسطحه الأعلى وقد يكون هو وحده كافيا لتحدد الجهتين به باعتبار مركزه ومحيطه فيكون المحاط حينئذ حشوا لا مدخل له في تحديد الجهة أصلا فظهر فساد ما قيل من أن فلك القمر يحدد جهات الأقسام القابلة
(٤١٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 408 409 410 411 412 413 414 415 416 417 418 ... » »»