جهتان حقيقتان فإذا لا بد من جسم يحددهما ويكون كرويا ليتحدد القرب بمحيطه وهو العلو والبعد بمركزه وهو السفل لأن غير الكروي لا يحدد إلا القرب منه وأما البعد منه فغير محدود ويكون واحدا وإلا فإما أن يحيط بعضها ببعض فيكون المحيط هو النهاية ويكون كافيا لتحدد الجهتين به أو لا يحيط بل يكون كل منهما في جهة من الآخر فتكون الجهة متحددة قبلهما لأيهما والمفروض خلافه فقد ثبت وجود كرة بها تتحدد الجهات محيطة بالكل وهو المطلوب ثم له أحكام منها أنه بسيط وإلا جاز انحلاله واللازم باطل أما اللزومية فلأن البسيط يمكنه أن يلاقي بأحد طرفيه ما يلاقيه بالآخر لتساويهما وأما بطلان اللازم فلأن ذلك لا يكون إلا بالحركة المستقيمة وهي لا يتكون إلا من جهة إلى جهة فتكون الجمعة متحددة قبله لا به هذا خلف ومنها أنه شفاف وكذلك سائر الأفلاك لأنها لا تحجب الأبصار عن رؤية ما وراءها واعلم أن هذا لا يتمشى في المحدد إذ ليس له وراء إلا أن يقال لو كان ملونا لوجب رؤيته فنقول ولم لا يجوز أن تكون هذه الزرقة المرئية لونه لا يقال ذلك أمر يحس به في الشفاف إذا بعد عمقه كما في ماء البحر لأنا نقول قد تكون لونا حقيقيا وما الدليل على أنه لا يحدث إلا بذلك الطريق التخيلي ومنها أنه لا ثقيل ولا خفيف لأنهما مبدأ الميل الصاعد والهابط وهما بالاستقامة فيقتضي تحدد الجهة قبل ولا يعم الأفلاك والحجة العامة أنها متحركة بالاستدارة بدلالة الأرصاد ففيها مبدأ ميل مستدير فلا يكون فيها مبدأ ميل مستقيم لتنافيهما وقد يمنع التنافي إذ قد يجتمعان ويحصل
(٤٠٥)