أعني الحواس الباطنة والظاهرة والقوة المحركة إلى جلب المنافع ودفع المضار كل ذلك بتقدير العزيز العليم فالحياة تابعة للاعتدال المذكور ومتبوعة لما عداها من القوى الموجودة في الحيوان وقد يتوهم أن الحياة هي قوة الحس والحركة الإرادية وقوة التغذية بعينها لا أنها قوى أخرى مستتبعة لهذه القوى كما ذكرنا فلذلك قال ابن سينا في كليات القانون دفعا لهذا التوهم أنها أي الحياة غير قوة الحس والحركة وغير قوة التغذية والتنمية ويدل عليه أي على التغاير المذكور أنها أي الحياة توجد للمفلوج من الأعضاء إذ هي الحافظة في الحيوان للأجزاء العنصرية المتداعية إلى الانفكاك عن التعفن والتفرق والبلى ألا ترى أن العضو الميت تتسارع إليه هذه الأمور وليس له أي للعضو المفلوج قوة الحس والحركة وكذا الحال في العضو الخدر فإنه أيضا فاقد في الحال قوة الحس والحركة مع وجود قوة الحياة فيه فظهر أن الحياة مغايرة للقوى النفسانية التي هي القوى المدركة والمحركة وأما مغايرتها للقوى الطبيعية التي تتصرف في الأغذية فيدل عليها قوله وتوجد أي الحياة في العضو الذابل فإنه لو لم يكن حيا لفسد بالتعفن والتفرق مع عدم قوة التغذية فيه وأيضا في النبات قوة التغذية مع عدم الحياة فيه فقد وجد كل واحدة من الحياة وقوة التغذية بدون الأخرى فكانتا متغايرتين قطعا ومن ههنا تبين أن أجناس القوى الموجودة في الحيوانات ثلاثة جنس القوى النفسانية وجنس القوى الطبيعية وجنس القوى الحيوانية كما هو المشهور عند الأطباء وللإنسان من بينها قوة رابعة يدرك بها المعقولات ويتوصل بها إلى ما يختص به من الآثار المطلوبة منه
(٤١)