تلازم هاتين الحركتين دليلا على ذلك أي على أن البطء ليس للتخلل مستأنفا كما نبهت عليه فيما مر وإذا كانت الحركتان متلازمتين فعندما تقطع السريعة جزءا إن قطعت البطيئة مثلها لزم تساوي السريعة والبطيئة وهو الأمر الأول أو أقل لزم التجزؤ وهو الأمر الثاني وذلك أي تلازم السريعة والبطيئة حاصل في صور ست الأولى الدائرة الطوقية من الرحى مع الدائرة القطبية منها فإن حركة الأولى سريعة لطول مسافتها وحركة الثانية بطيئة لقصر مسافتها وهما متلازمتان إذ لو تحركت الطوقية مثلا ووقفت القطبية لزم التفكك وانقسام الرحى إلى دوائر متعددة بحسب أجزائها وإنما يتضح ذلك بإخراج خطوط متلاصقة من مركز الرحى إلى الطوق العظيم منها في جميع الجهات فإن تلك الخطوط تكون مركبة من أجزاء لا تتجزأ وتتركب من أجزاء تلك الخطوط أطواق متداخلة متفاوتة في الكبر والصغر والطوق العظيم منها مركب من أطراف هذه الخطوط فإذا تحرك هذا الطوق ولم يتحرك الطوق الذي يلاصقه فقد انفك أحدهما عن الآخر وكذا إذا تحرك الطوق الثاني ولم يتحرك الثالث وهكذا إلى الطوق الذي هو أصغرها فلزوم تفكك الرحى عند تحركها على مثال دوائر محيطة بعضها ببعض ولو كانت الرحى من حديد أو ما هو أشد منه ثم التصاقها عند الوقوف بحيث لا يمكن أن يتفكك منها جزء بأبلغ السعي وذلك الذي ذكرناه من تفكك الرحى حال تحركها والتصاقها حال سكونها وإن كان مما لا يمتنع في قدرة الله تعالى فالعقل جازم بعدمه كسائر العاديات ومعلوم لكل عاقل أن الله تعالى لم يخلق في الرحى كل هذه الغرائب والعجائب ليثبت مذهبكم
(٣٥١)