النفس إذا اعتادت بها ملكة أن لا تقنع في إدراك الأشياء دونه أي دون اليقين فإن أمكن هناك تحصيل اليقين فذاك وإن لم يكن كما في العلوم الظنية اجتهدت في تحصيل الظن الأقوى لأنه أقرب إلى ما اعتادت به وعرفوه بأنه كم قابل للأبعاد الثلاثة المتقاطعة على الزوايا القائمة والقيد الأخير ههنا للتمييز والاحتراز عن السطح لدخوله في الجنس الذي هو الكم ولو أردنا أن نجمعهما أي المعنى الأول والثاني في رسم واحد قلنا هو القابل لفرض الأبعاد المتقاطعة على الزوايا القائمة من غير ذكر الجوهر والكم فإن هذا المفهوم مشترك بين الجسم الطبيعي والتعليمي فهذا الذي ذكرناه في تعريف الجسم وتعدد معناه إنما هو عند الحكماء وأما المتكلمون فقد عرفت رأينا فيه وهو أن الجسم وهو المتحيز القابل للقسمة ولو في جهة واحدة وقالت المعتزلة هو الطويل العريض العميق قال الحكماء هذا الحد فاسد لأن المتبادر منه أن الجسم يوجد فيه هذه الأبعاد بالفعل وأنها مناط لجسميته ولا شك في أن الجسم ليس جسما بما فيه من الأبعاد بالفعل لما مر من أن الخط قد لا يوجد في الجسم بالفعل كما في الكرة وأن السطح لازم لوجوده لا لماهيته وأيضا فإذا أخذنا شمعة وجعلنا طولها شبرا وعرضها شبرا ثم جعلنا طولها ذراعا وعرضها إصبعين مثلا فقد زال عنها ما كان فيها من الأبعاد وجسميتها باقية بعينها فلا تكون الأبعاد الموجودة بالفعل لازمة للجسمية صالحة لأن يعرف بها الجسم وهذا الذي ذكروه في الشمعة بناء منهم على إثبات الكمية المتصل وكون الجسم متصلا واحدا في نفسه لا مفصل فيه بالفعل وأما على الجزء
(٣٢١)