المواقف - الإيجي - ج ٢ - الصفحة ٣٠٠
الخامس التقدم بالرتبة بأن يكون المتقدم أقرب إلى مبدأ معين والترتب إما عقلي كما في الأجناس المترتبة على سبيل التصاعد والأنواع الإضافية المترتبة على سبيل التنازل فإن كل واحد من هذه الأمور المترتبة واقع في مرتبة يحكم العقل باستحالة وقوعه في غيرها أو وضعي وهو أن يكفي وقوع المتقدم في مرتبة المتأخر كما في صفوف المسجد ويختلف ذلك أي التقدم الرتبي حيث يصير المتقدم متأخرا والمتأخر متقدما بما تجعله أنت مبدأ فقد تبتدئ من المحراب فيكون الصف الأول متقدما على الصف الأخير وقد تبتدئ من الباب فينعكس الحال وقس على ذلك حال الأجناس فإنك إذا جعلت الجوهر مبدأ كان الجسم متقدما على الحيوان وإن جعلت الإنسان مبدأ فبالعكس وقال المتكلمون ههنا نوع آخر من التقدم مغاير للوجوه الخمسة المتقدمة كما لأجزاء الزمان بعضها على بعض مثل تقدم الأمس على اليوم واليوم على الغد فإنه ليس تقدما بالعلية ولا بالذات لعدم الاقتران واستحالته فيما بين أجزاء الزمان مع أن المتقدم والمتأخر في هذين النوعين من التقدم يجوز اجتماعهما بل يجب ولا بالشرف والرتبة وهو ظاهر فإن الأمس واليوم مثلا متشابهان في الفضيلة وليس بين أجزاء الزمان ترتب عقلي ولا وضعي بل نقول امتناع الاجتماع كاف لنا في نفي هذه الأربعة ولا بالزمان وإلا لزم التسلسل في الأزمنة بأن يكون كل زمان في زمان آخر وقد أبطلنا ذلك بوجهين في مباحث الزمان وقد يجاب عنه بأن ذلك التقدم الذي بين أجزاء الزمان هو التقدم بالزمان أعني التقدم الذي لا يجامع فيه المتقدم المتأخر وأنه أي هذا التقدم الذي سميناه التقدم الزماني لا يعرض أولا وبالذات إلا للزمان فإذا أطلقناه على غيره كان ذلك تقدما بالعرض لا بالذات كما حققناه في تقدم موسى على عيسى عليهما السلام كما أن القسمة تعرض للكم عروضا ذاتيا فإذا عرضت لغيره كان بواسطة الكم وذلك لا يوجب للكم كما آخر فكذلك ههنا إذا قلنا لغير الزمان أنه متقدم هذا التقدم أردنا أن زمانه متقدم ولا يوجب ذلك أن يكون للزمان زمان وقد مر في مباحث الزمان نوع تفصيل لهذا المقام وهذا الذي ذكرناه أعني القسم السادس من التقدم
(٣٠٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 295 296 297 298 299 300 301 302 303 305 307 ... » »»