المواقف - الإيجي - ج ٢ - الصفحة ٢٨٦
الترجيح بلا مرجح إذ لو لم يسكن لكان متحركا إما بالاعتماد اللازم أو بالاعتماد المجتلب مع تعادلهما وتساويهما فيكون تحكما محضا والجواب عنه أن الجبائي ليس قائلا بتوليد الاعتماد للحركة ولا للسكون فهذا لا يوافق مذهبه كما مر في مباحث الاعتماد مع أنه غير شامل للحركات الإرادية الصادرة عن الحيوانات وأما المنكرون لتخلل السكون بين المستقيمتين فلكل من الفريقين أيضا في إنكاره طريق فقال الحكماء إن صح وجوب السكون بينهما فإذا فرض أنه صعد الخردلة وهبط الجبل وتلاقيا في الجو بحيث يماس سطحها سطحه فلا شك أنه تنزل الخردلة راجعة وحينئذ وجب وقوف الخردلة لتوسط السكون بين حركتيهما الصاعدة والهابطة وذلك يوجب وقوف الجبل بمصادمتها لامتناع التداخل بين الأجسام اللازم ضروري البطلان إذ كل عاقل يعلم أن الجبل لا يقف في الجو بمصادمة الخردلة وقد يجاب بأن الخردلة لا تصادم الجبل ولا تماسه في الصورة المفروضة بل ترجع بريحه فإذا وصل إليها ريحه وقفت ثم رجعت قبل الوصول إلى الجبل فذلك الذي ذكرتموه من تلاقيهما فرض محال ويجوز استلزامه للمحال الذي هو وقوف الجبل وقالت المعتزلة لا سكون بين الحركتين إذ لا يوجبه الاعتماد اللازم فإنه يقتضي الحركة النازلة لا السكون ولا يوجبه الاعتماد المجتلب فإنه يقتضي الحركة الصاعدة لا السكون ولا مولد للحركة والسكون إلا الاعتماد وقد يجيب الجبائي على أصله فيقول لا نسلم أنه لا مولد غيره بل المولد هو الحركة السابقة فالحركة الصاعدة توجب حركة هابطة بشرط غلبة الاعتماد اللازم وتوجب السكون بشرط تعادل الاعتمادين وقد مر ذلك في مباحث الاعتماد
(٢٨٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 281 282 283 284 285 286 287 288 289 290 291 ... » »»