وانقطاع الحركة بالرجوع والانعطاف فلا بد لها دائما من مبدأ ومنتهى بالفعل نعم إذا فرض أن جسما تحرك على محيط دائرة حتى تمم دورة كان مبدأها ومنتهاها واحدا بالذات مختلفا بالاعتبار إلا أن هذه حركة أينية في الاصطلاح مستديرة بحسب اللغة تنبيه المبدأ والمنتهى أي هذان المفهومان العارضان لا ذاتاهما إذا نسب أحدهما إلى الآخر فتقابلهما تقابل التضاد لا السلب والإيجاب والعدم والملكة لأنهما وجوديان ولا التضايف لما سنذكره وإذا نسبا إلى ما له المبدأ والمنتهى وهي الحركة كانا متضايفين له فبين كل منهما وبينه أي بين ما له المبدأ والمنتهى تقابل التضايف فإن المبدأ مبدأ لذي المبدأ وذو المبدأ ذو مبدأ للمبدأ وكذا حال المنتهى وذي المنتهى وليس بين المبدأ والمنتهى تضايف فقد يعقل مبدأ لا منتهى له وبالعكس لجواز أن يفرض حركة لها بداية بلا نهاية أو نهاية بلا بداية فلا تكافؤ بينهما في التعقل ولا في الوجود فلا تضايف فإن قيل قد يكون جسم واحد مبدأ لحركة ومنتهى لها أيضا فكيف يتصور التضاد بينهما مع اجتماعهما في موضوع واحد قلت هما أعني مفهومي المبدأ والمنتهى غير عارضين للجسم عروضا أوليا حتى يقال إنهما يجتمعان فيه بل هما عارضان للأطراف الحاصلة في الأجسام ولا يكون طرف واحد مبدأ ومنتهى لحركة واحدة إلا بالفرض وفي زمانين إذ لا يتصور في حركة واحدة مستقيمة أن يكون مبدأها ومنتهاها طرفا واحدا وأما المستديرة فإن مبدأها ومنتهاها نقطة واحدة مفروضة لكنها لا تتصف بهاتين الصفتين في آن واحد فهي وإن كانت واحدة بالذات إلا أنها اثنتان في الاعتبار وذلك كاف لها في كونها بداية للحركة ونهاية لها وإنما وسم الفصل بالتنبيه لأن التأمل في مفهومي المبدأ والمنتهى وما نسبا إليه كاف للتصديق بما ذكر فيه فرع على ما مر من أن تضاد الحركات أنما يكون لتضاد المبدأ
(٢٧٠)