الأمور الثلاثة إذا اتحدت بالنوع كانت الحركة واحدة بالنوع و إذا تنوعت كانت الحركة متنوعة إذ لو اختلف ما فيه الحركة بحسب النوع كان كل من الحركات الواقعة في تلك الأنواع المختلفة نوعان من الحركة و إن اتحد ما منه وما إليه أما في الكيف فمثل أن يأخذ الجسم في الحركة تارة من البياض إلى الصفرة إلى الحمرة إلى القتمة إلى السواد و أخرى من البياض إلى الفستقية إلى الخضرة إلى النيلية إلى السواد فإن ما فيه الحركة ههنا مختلف بالنوع وكذا الحركة مع اتحاد المبدأ والمنتهى بالنوع وأما في الأين فمثل أن يتحرك الجسم من مبدأ إلى منتهى معينين تارة على الاستقامة وأخرى على الاستدارة فإن المستدير والمستقيم مختلفان بالماهية لا بالعوارض فكذلك الحركتان الواقعتان عليهما وإذا كانت الحركة مختلفة بالنوع لاختلاف ما فيه مع اتحاد ما منه وما إليه فاختلافها بالنوع لاختلاف ما فيه منضما إلى اختلافهما كان أولى كالتسود و التسخن فإنهما مختلفان بالماهية لاختلاف الأمور الثلاثة فيهما وكذلك ما منه وما إليه فإنهما إذا اختلفا بالنوع اختلف ماهية الحركة وأن اتحد ما فيه كالصاعدة و الهابطة في الحركة الأينية وكالتسخن والتبرد في الحركة الكيفية فإن الحركتين في كل واحدة من هذين المثالين مختلفان بالماهية لاختلاف المبدأ والمنتهى فيهما بالنوع مع اتحاد ما فيه فإن قيل تنوع المبدأ والمنتهى في المثال الثاني ظاهر فإن السخونة مخالفة بالماهية للبرودة بخلافه في المثال الأول لأن الاختلاف بين المبدأين إنما هو باعتبار إن عرض لأحدهما الفوقية و للآخر التحتية و ذلك لا يوجب اختلافا في الماهية قلنا إنهما وإن لم يختلفا بالماهية لكنهما اختلفا بالمبدائية والمنتهائية
(٢٦١)