المواقف - الإيجي - ج ٢ - الصفحة ٢٤٨
تلك الصور المتعاقبة إن كان فيها ما يوجد في أكثر من آن واحد فقد سكنت الحركة في الصورة وإلا كانت كلها آنية الوجود فإن تعاقبت بلا فصل تتالت الآنات وإن وجد فيما بين متعاقبين زمان خال عن تلك الصور الآنية كانت الحركة منقطعة ونقض هذا الدليل بالحركة في الكيف وغيره من المقولات وأجيب عنه بأن بقاء الموضوع بدون الكيفيات وسائر الأعراض جائز فلا يلزم من خلوه عنها انتفاء المتحرك حال كونه متحركا كما يلزم ذلك من خلو المتحرك عن الصور المتعاقبة لأن المتحرك في الصورة إما الجسم أو المادة ولا وجود لشيء منهما خاليا عن الصورة وكون المتحرك معدوما حال كونه متحركا محال بالبديهة وفيه بحث لأنه يلزم ههنا محال آخر وهو أنه إذا خلا الموضوع في زمان عن الكيفيات المتعاقبة مثلا لم يكن له في ذلك الزمان حركة في الكيف كما ذكرنا لأن الحركة كما تنتفي بانتفاء المتحرك تنتفي بانتفاء ما فيه الحركة بل يلزم أن لا يكون هناك إلا كيفيات آنية الوجود لا يوجد شيء منها في الأزمنة الواقعة بين تلك الآنات فإن سميت مثل هذه حركة لم تكن الحركة منطبقة على الزمان منقسمة بانقسامه وقد صرحوا بأن الحركة والزمان والمسافة مطابقة بحيث ينقسم كل منها بانقسام الآخر وتكون قطعة منه واقعة بإزاء قطعة من الآخر فمثل هذه لا تكون حركة لانتفاء لازم الحركة عنها ولا محيص عن ذلك إلا ما مر من أن المتحرك في الكيف مثلا له فيما بين مبدأ حركته ومنتهاها كيفية واحدة سيالة كما عرفت ومثل هذا الحال السيال الذي يتبدل أفراده على محله مع بقاء المحل بشخصه لا بد أن يكون عرضا لتقوم محله بدونه فلا يتصور حركة في الصور المقومة لمحالها وأيضا فمبدأ الحركة أي ما تقوم به الحركة وهو المتحرك موجود لا محالة في زمان كونه متحركا والمادة وحدها لا وجود لها فإن المادة لا تتحصل ذاتا معينة موجودة إلا بالصورة المعينة فلا يمكن حركتها إلا إذا كانت من مبدأ حركتها إلى منتهاها متصورة بصورة معينة فيمتنع أن تتحرك في الصورة بالضرورة وقد
(٢٤٨)
مفاتيح البحث: يوم عرفة (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 243 244 245 246 247 248 249 250 251 252 253 ... » »»