المواقف - الإيجي - ج ٢ - الصفحة ٢٤٢
لأجزاء كانت متصفة بالصفة الأولى كالبرودة مثلا وبروز وظهور لأجزاء كانت متصفة بالصفة الأخرى كالحرارة مثلا وهما أي هذان القسمان من الأجزاء أعني المتصفة بالصفة الأولى والمتصفة بالصفة الأخرى موجودان فيه أي في ذلك الجسم دائما إلا أن ما يبرز منها أي من تلك الأجزاء يحس بها وبكيفيتها وما كمن منها لا يحس بها وبكيفيتها وهؤلاء أعني أصحاب الكمون والبروز زعموا أن الأجسام لا يوجد فيها ما هو بسيط صرف بل كل جسم فإنه مختلط من جميع الطبائع المختلفة لكنه يسمى باسم الغالب الظاهر فإذا لقيه ما يكون الغالب عليه من جنس ما كان مغلوبا فيه فإنه يبرز ذلك المغلوب من الكمون ويحاول مقاومة الغالب حتى يظهر وتوصلوا بذلك إلى إنكار الاستحالة وإنكار الكون والفساد وهذا القول باطل وإلا لكانت الأجزاء الحارة كامنة في الماء البارد جدا بل وفي الجمد أيضا وأنه ضروري البطلان ومع ذلك ننبهك على بطلانه ونقول إن صح كمون الأجزاء الحارة في الماء البارد فمن أدخل يده فيه كان يجب أن يحس بحره أي بحر باطنه أو يقل برده بحيث يدرك صاحب اليد التفاوت وهو باطل إذ ربما يجد باطنه أبرد من ظاهره وأيضا فإن شررا إذا صادف جبلا من كبريت صير كله نارا مشاهدة ونعلم بالضرورة بأن ذلك الذي نشاهده فيه من النار كله لم يكن كامنا فيه كيف ولو كان في ذلك الجبل بعض من تلك الأجزاء النارية لأحرقته فوجب أن يكون حدوث النار فيه بطريق الكون دون البروز من الكمون وذهب جماعة من القائلين بالتخليط إلى أن الحار مثلا إذا صار باردا فقد فارقه الأجزاء الحارة ومنهم من قال الجسم إنما يصير حارا بدخول أجزاء نارية فيه من خارج ومنهم من
(٢٤٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 237 238 239 240 241 242 243 244 245 246 247 ... » »»