إلى الجزء الأول منها ضرورة فلا يوجد هناك أمر ممتد من مبدئها إلى منتهاها وبعبارة أخرى المتحرك ما لم يصل إلى المنتهى لم توجد الحركة بتمامها وإذا وصل فقد انقطعت الحركة فلا وجود لها في الخارج أصلا فإن قلت إذا وصل إلى المنتهى فالحركة اتصفت حال الوصول بأنها وجدت في جميع ذلك الزمان لا في شيء من أجزائه قلت حصول الشيء الواحد في نفسه على سبيل التدريج غير معقول لأن الحاصل في الجزء الأول من الزمان لا بد أن يكون مغايرا لما يحصل في الجزء الثاني لامتناع أن يكون الموجود عين المعدوم فيكون هناك أشياء متغايرة متعاقبة لا يتصل بعضها ببعض اتصالا حقيقيا لامتناع أن يتصل المعدوم بالموجود كذلك ويكون كل واحد منها حاصلا دفعة لا تدريجا فلا وجود للحركة بمعنى القطع في الخارج نعم لها وجود في الذهن فإنه لما ارتسم نسبته أي نسبة المتحرك إلى الجزء الثاني الذي أدركه في الخيال قبل أن تزول نسبته إلى الجزء الأول الذي ترك عنه أي عن الخيال يتخيل أمر ممتد يعني أن للمتحرك نسبة إلى المكان الذي تركه ونسبة إلى المكان الذي أدركه فإذا ارتسمت في الخيال صورة كونه في المكان الأول وقبل زوالها عن الخيال ارتسمت فيه صورة كونه في المكان الثاني فقد اجتمعت الصورتان في الخيال فيشعر الذهن بالصورتين معا على أنهما شيء واحد ممتد كما يحصل من القطرة النازلة والشعلة المدارة أمر ممتد في الحس المشترك فيرى لذلك خطا أو دائرة كما مر في صدر الكتاب في مباحث أغلاط الحس وإنما لم تكن الحركة بمعنى القطع مرئية مثلهما لأن اجتماع الصور فيها إنما هو في الخيال لا في الحس المشترك
(٢٣٢)