المواقف - الإيجي - ج ٢ - الصفحة ٢٠٨
جوهر فرد محفوف بستة جواهر ملاقية له من جهاته الست إلا ما نقل عن بعض المتكلمين من أنه منع ذلك ولم يجوز ملاقاة الجوهر الفرد لأكثر من جوهر واحد حذرا من لزوم تجزيه وهو مكابرة وإنكار للمحسوس فإن الحس يشهد بالتلاقي بين الجواهر من جميع الجهات وهو مانع من تأليف الأجسام من الجواهر الفردة فإنه إذا لم يمكن التلاقي من جميع الجوانب كيف يتحصل منها الجسم الطويل العريض العميق بل لا يكون هناك إلا جواهر مبثوثة غير متلاقية ولا ممكنة التلاقي واتفقوا أيضا على المجاورة والتأليف بين ذلك الجوهر والجواهر المحيطة به ثم اختلفوا فقال الشيخ الأشعري والمعتزلة المجاورة أي الاجتماع الذي هو كون الجوهرين بحيث لا يمكن أن يتخللهما ثالث كما مر غير الكون الذي يوجب تخصيص الجوهر بحيزه بل هي أمر زائد عليه وذلك لحصوله أي حصول الكون للجوهر حال الانفراد عما عداه من الجواهر دونها أي دون المجاورة فإنها غير حاصلة للجوهر حال انفراده عن غيره فيتغايران قطعا وقال الشيخ والمعتزلة أيضا التأليف والمماسة غير المجاورة بل هما أمران زائدان على المجاورة يتبعان المجاورة ويحدثان عقيبها وقالوا أيضا المباينة أي الافتراق المفسر بما تقدم ضد للمجاورة التي هي شرط للتأليف فلذلك تنافي المباينة التأليف لأن ضد الشرط ينافي المشروط لا لأنه ضده أي لا لأن المباينة بتأويل الافتراق ضد التأليف ثم قال الشيخ وحده المجاورة القائمة بالجوهر الفرد واحدة وإن تعدد المجاور له وأما المماسة والتأليف فيتعدد كل واحد منهما بحسب
(٢٠٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 203 204 205 206 207 208 209 210 211 212 213 ... » »»