المواقف - الإيجي - ج ١ - الصفحة ٩١
العقل بواسطة إدراك الحس لذلك المحسوس فليس الحس حاكما بل العقل حاكم بواسطة الحس وإنما كان أعجب لأنه يؤول إلى نزاع لفظي إذ مقصودنا بحكم الحس حكم العقل بواسطته فهذا المنع مما لا يجدي نفعا أصلا ونحن نقول إذا سلم الخصم المعترف بالبديهيات أن الحكم في المحسوسات إنما هو للعقل أو أثبتنا ذلك عليه كانت الشبه التي ذكرناها دالة على غلط العقل في الأحكام الصادرة عنه بمعاونة الحس وذلك مما يورث احتمال تطرق الغلط في الأحكام التي يستقل العقل بها إذ لا شهادة لمتهم فلو تمت تلك الشبه لارتفع الوثوق عن البديهيات أيضا فتصير تلك الشبه منقوضة بها وهذه فائدة جليلة مبنية على أن الحس ليس حاكما فإن أجاب عن النقض بأن البداهة تنفي احتمال الغلط فيما جزمت بها بنفسها قلنا فكذلك البداهة تنفي احتمال الغلط في بعض المحسوسات فلا يرتفع الوثوق ههنا أيضا وأما بيان الأسباب في الأغلاط المذكورة فالمقصود منه الاطلاع على حقيقة الحال في هذه المغالط أو إزالة ما عسى يشوش النفس من الدغدغة وزيادة اطمئنانها في سائر المحسوسات لا إثبات الأحكام الحسية بدليل كما صرح به ناقد المحصل حيث قال ونحن لم نثبت الوثوق بالمحسوسات بدليل بل نقول العقل الصريح يقتضيه ثم قال وأما قوله انتفاء السبب الواحد لا يوجب انتفاء الحكم قلنا نعم لو أثبتنا صحة الحكم بثبوت المحسوسات في الخارج بدليل لكان الأمر على ما ذكره لكنا لم نثبت ذلك إلا بشهادة العقل من غير رجوعه إلى دليل فليس علينا أن نجيب عن هذه الإشكالات فإن احتمال عدم الصحة فيما يشاهده الأصحاء مندفع عند بداهة العقل من غير تأمل في الأسباب وحصرها وانتفائها وبيان امتناع حصول المسبب عند انتفاء الأسباب وغير ذلك مما يثبت بالنظر الدقيق أو الجلي فظهر أنه لا تشنيع على ذلك الناقد ومن تابعه
(٩١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 86 87 88 89 90 91 92 93 94 95 96 ... » »»