في الاعتماد كذلك فلا يكون فرق في امتناع البقاء بين المقدور منه وهو المجتلب وغير المقدور وهو اللازم قلنا ما ذكرتم تمثيل مجرد بلا جامع لأن مرجعه إلى دعوى المماثلة بين الاعتمادات وبين الأصوات والحركات في عدم الفرق بين ما هو مقدور لنا وما هو غير مقدور في امتناع البقاء وليس هناك علة مشتركة تقتضي ذلك لجواز أن تكون خصوصية الأصوات والحركات مقتضية لامتناع بقائها على الإطلاق سواء كانت مقدورة أو غير مقدورة ولا تكون خصوصية الاعتماد مطلقا كذلك فيجوز حينئذ أن يمتنع بقاء المجتلب مع جواز بقاء اللازم وأما أبو هاشم فيدعي الضرورة في بقاء الاعتمادات اللازمة أعني الثقل والخفة في الأجسام الثقيلة والخفيفة والمشاهدة حاكمة به أي ببقاء الاعتمادات اللازمة كما في الألوان والطعوم فإن الإحساس كما يشهد ببقائهما يشهد أيضا ببقاء الخفة والثقل في الأجسام ومنها أنه قال الجبائي موجب الثقل الرطوبة وموجب الخفة اليبوسة يعني أن الاعتمادين اللازمين الطبيعيين معللان بعلتين هما الرطوبة واليبوسة فإنا إذا عرضنا الجسم الثقيل على النار كالذهب مثلا ذاب وظهرت رطوبته التي كانت موجودة فيه قبل العرض وإذا عرضنا الجسم الخفيف عليها كالخشب مثلا تكلس أي صار كلسا وهو في الأصل الصاروج المركب من النورة واختلاطها وترمد أي صار رمادا إذ النار تزيده يبسا بإفنائها للرطوبة القليلة التي كانت فيه حافظة للتأليف فيتفتت ويترمد ومنعه أبو هاشم وقال بل هما كيفيتان حقيقيتان غير معللتين بالرطوبة واليبوسة لما ذكرنا في زقي الماء والزئبق فإن الزئبق أثقل بأضعاف مضاعفة مع أن الماء أرطب منه بلا شبهة والجواب عما تمسك به الجبائي أن يقال الرطوبة التي في الذهب الذائب واليبوسة التي في الكلس غير موجودتين فيهما قبل مماسة النار حتى
(٦٣٠)