اللازم من عدم الانعكاس جواز أن يكون الحكم المقارن للعلة غير ثابت بها قال الأصحاب كل علة لا تكون منعكسة فهي غير مطردة أيضا وأما قوله وسيأتي تمامه في بحث الصفات فإشارة إلى ما ذهبوا إليه من أن الأحكام القديمة واجبة والواجب لا يعلل سواء وجدت العلة أو لم توجد وإلى جوابه الذي فصله هناك واعلم أن كل علة مطردة منعكسة وليس كل مطرد منعكس علة كالمعلول والمتضايفين وذلك لأن الإطراد والانعكاس شرط العلة وليس يلزم من وجود الشرط وجود المشروط لا يقال إذا كان المعلول مطردا منعكسا كالعلة كان بينهما ملازمة من الطرفين فيما إذا تمايز العلة عن غيرها وكيف يعرف أن العلم مثلا علة للعالمية دون العكس مع تلازمهما ثبوتا وانتفاء لأنا نقول تمتاز العلة عن غيرها بضرورة العقل فإنا نعلم علما ضروريا أن العلم يوجب كون محله عالما إيجابا يصدق معه وجد العلم فأوجب كون محله عالما ولا يصدق عكسه وهو أن يقال ثبت كون المحل عالما فأوجب له العلم ونعلم بالضرورة أيضا أو بدليل آخر يرشدنا إلى تمييز العلة عما يشاركها في الإطراد والانعكاس المسألة الخامسة إيجاب العلة لمعلولها لا يكون مشروطا بشرط اتفاقا من القائلين بثبوت الحال وهذا حكم ضروري فإنه لا يتصور علم بلا عالمية يعني أنا إذا علمنا قيام العلم بمحل علمنا كونه عالما بلا توقف على العمل بشيء آخر أصلا وهو المراد بقوله سواء علمنا الشرط أو وجوده أم لا فلو كان إيجاب العلم للعالمية مشروطا بشرط لم يمكن لنا الجزم بالعالمية إلا بعد تصور ذلك الشرط والتصديق بوجوده فإن قيل اقتضاء العلم العالمية
(٤٦٨)