وجودي كالمز المتوسط بين الحلو والحامض وكالفاتر المتوسط بين الحاد والبارد أو بسلب الطرفين كما يقال لا عادل ولا جائر لمن اتصف بحالة متوسطة بين العدل والجور وأما قولهم الفلك لا ثقيل ولا خفيف فلم يريدوا بسلب الطرفين هناك إثبات حالة متوسطة بين الثقل والخفة أو دونه أي دون الاتصاف بوسط فيخلو المحل عن الوسط أيضا كالشفاف الخالي عن السواد والبياض وعن كل ما يتوسطهما من الألوان وأيضا قد يمكن تعاقبهما أي تعاقب الضدين على المحل كالسواد والبياض بحيث لا يخلو عنهما معا بل يعدم أحدهما عنه ويوجد الآخر فيه في آن واحد كالسواد والبياض أو لا يمكن تعاقبهما على المحل بحيث لا يخلو عنهما كالحركتين الصاعدة والهابطة فإنه لا يجوز تعاقبهما على محل واحد إن قلنا يجب أن يكون بينهما سكون كما هو المشهور واعلم أن التضاد لا يكون إلا بين أنواع جنس واحد أي لا تضاد بين الأجناس أصلا ولا بين أنواع ليست مندرجة تحت جنس واحد إنما التضاد بين الأنواع المندرجة تحته ولا يكون التضاد في هذه الأنواع إلا بين الأنواع الأخيرة المندرجة تحت جنس واحد قريب كالسواد والبياض المندرجين تحت اللون الذي هو جنسهما القريب وما يتوهم بخلاف ذلك نحو الفضيلة والرذيلة ونحو الخير والشر فمن العدم والملكة أو التضاد فيه بالعرض قد ظن بعضهم أن الخير والشر ضدان مع كونهما جنسين لأنواع كثيرة تحتهما فلا يصح القول بأن لا تضاد بين الأجناس وهو باطل لأن الشر ليس له طبيعة وجودية وبتقدير كونه كذلك فليس شيء من الشرية والخيرية ذاتيا لما تحته لأن الخيرية عبارة عن كون الشيء ملائما والشرية عبارة عن كونه منافرا وقد تعقل الأشياء التي يطلق عليها الخير والشر مع الذهول عن كونها خيرات أو شرورا فليسا جنسين لما تحتهما وظن آخرون أن الشجاعة مع كونها تحت جنس الفضيلة مضادة للتهور المندرج تحت جنس الرذيلة فلا يصح القول بأن لا تضاد بين الأنواع المندرجة تحت أجناس مختلفة وهو أيضا مردود بأن كل واحد من
(٤١٥)