المواقف - الإيجي - ج ١ - الصفحة ٣٩٩
والحاصل أن العالم يجوز عدمه وتحيزه ولا يجوز شيء منهما على الباري قد جاز الانفكاك بينهما من أحد الجانبين في كل واحد من العدم والحيز مع أن جواز الانفكاك عنه في العدم فقط أو الحيز فقط كان كافيا في دخولهما في الحد لأنا نقول لو كفى الانفكاك من طرف في الاتصاف بالغيرية لجاز انفكاك الموصوف عن صفته والجزء عن الكل في الوجود أي لكان جواز انفكاك الموصوف عن صفته في الوجود بأن يوجد الموصوف وتعدم الصفة كافيا في تغايرهما لأنه جاز حينئذ انفكاك أحدهما عن الآخر في العدم وكذا الحال إذا وجد الجزء وعدم الكل فإنه قد انفك الكل حينئذ عن الجزء في العدم فتكون الصفة والموصوف وكذا الجزء والكل متغايرين وحيث كان الجواب السابق الذي ذكره الآمدي مردودا بما ذكرناه فقيل في الجواب عن الإيراد المراد جواز الانفكاك من الجانبين تعقلا لا وجودا ومنهم من صرح به فقال الغيران هما اللذان يجوز العلم بكل منهما مع الجهل بالآخر ولا يمتنع تعقل العالم والجزم بوجوده بدون تعقل الباري والجزم بوجوده ولذك يحتاج في وجود الباري بعد العلم بوجود العالم إلى الإثبات بالبرهان وهذا الجواب إنما يصح إذا عرف الغيران بأنهما موجودان يجوز الانفكاك بينهما من الجانبين ثم يعترض بالباري والعالم فإنه لا يجوز انفكاك العالم عن الباري في الوجود فيجاب بأنه ليس المراد جواز الانفكاك من الجانبين في الوجود بل في التعقل ولا خفاء في جواز انفكاك كل من العالم والصانع عن الآخر في التعقل وأما إذا زيد في التعريف قيد في عدم أو حيز فلا صحة لهذا الجواب إذ لا يجوز أن يقال يتعقل الباري معدوما أو متحيزا بدون أن يتعقل العالم كذلك إلا إذا جوز
(٣٩٩)
مفاتيح البحث: الجهل (1)، الجواز (12)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 394 395 396 397 398 399 400 401 402 403 404 ... » »»