المشخص فإنه مركب من أجزاء مقدارية متخالفة الحقيقة بخلاف الجسم البسيط كالماء على القول بالجزء فإن أجزائه وإن كانت موجودة بالفعل مجتمعة لكنها متوافقة الحقيقة والواحد بالاتصال بعد القسمة الانفكاكية واحد بالنوع فإن الماء الواحد إذا جزىء كان هناك ماءان متحدان في الحقيقة النوعية وواحد بالموضوع أي بالمحل عند من يقول بالمادة فإن تلك الأجزاء الحاصلة بالقسمة من شأنها أن يتصل بعضها ببعض وتحل في مادة واحدة بخلاف أشخاص الناس إذ ليس من شأنها الاتصال والاتحاد وأما عند من يقول بالجزء فالواحد بالاتصال بعد القسمة عنده واحد بالنوع دون الموضوع والتحقيق أن الواحد بالاتصال الحقيقي إنما يتصور على القول بنفي الجزء فإن الأجزاء الموجودة بالفعل إذا اجتمعت واتصل بعضها ببعض حتى يحصل منها مركب كان ذلك المركب واحدا بالاجتماع حقيقة سواء كانت تلك الأجزاء متشابهة أو متخالفة وأنه أي الواحد بالاتصال يقال لمقدارين يتلاقيان عند حد مشترك بينهما كالخطين المحيطين بزاوية ويقال أيضا لجسمين يلزم من حركة كل منهما حركة الآخر وهي على أنواع وأولاها بالاتصال ما كان الالتحام فيه طبيعيا كالمفاصل وهذا القسم شبيه جدا بالوحدة الاجتماعية وأما الواحد لا بالشخص فقد عرفت أنه واحد من جهة وكثير من جهة أخرى فجهة الوحدة فيه إما ذاتية للكثرة أي غير خارجة عنها وحينئذ فإما تمام ماهيتها وهو الواحد بالنوع كالإنسان بالنسبة إلى أفراده فيقال الإنسان واحد نوعي وأفراده واحدة بالنوع أو جزؤها فإن كان ذلك الجزء تمام المشترك بين تلك الكثرة وغيرها فهو الواحد بالجنس إما قريبا كالحيوان بالنسبة إلى أفراده وإما بعيدا على اختلاف مراتبه كالجسم النامي والجسم والجوهر بالقياس إلى أفرادها وإلا وإن لم يكن ذلك الجزء تمام المشترك فالواحد بالفصل كالناطق مقيسا إلى أفراده وإما عارض أي تكون جهة الوحدة أمرا عارضا للكثرة أي محمولا عليها
(٣٩٣)