وثالثها لو كان الوجوب وجوديا أي موجودا في الخارج لم يكن زائدا عن ماهيته أي ماهية الواجب بل كان عينها لامتناع الجزئية وإلا وإن لم يكن كذلك بل كان زائدا على الماهية لكان الوجوب الموجود محتاجا إلى الماهية إذ لا بد أن يكون عارضا لها قائما بها والعارض محتاج في وجوده إلى معروضه فيكون ممكنا مستندا إلى علة ويعلل بها أي بماهية الواجب لامتناع تعليله بغيرها وإلا احتاج الواجب في وجوبه إلى علة مغايرة لماهيته فلا يكون واجبا وجوبا ذاتيا هذا خلف وما لم يجب المعلول عن علته لا يوجد لما ستعرفه من أن الممكن الموجود لا بد له من وجوب سابق على وجوده مستفاد من علته وما لم تجب العلة لا يجب المعلول عنها وذلك لأن وجوب المعلول مستفاد من وجود العلة قطعا ووجودها متأخر عن وجوبها فإن الشيء مالم يجب وجوده إما لذاته أو لغيره لم يوجد فوجوب المعلول متأخر عن وجوب العلة بمرتبتين فيكون وجوده متأخرا عن وجوبها بمراتب فيلزم وجوب الماهية قبل وجوبها بمراتب هذا خلف لا يقال هذا معارض بأنه أي الوجوب نسبة والنسبة متأخرة عن المنتسبين قطعا فيكون الواجب متأخرا عن ماهية الواجب فلا يكون عينها بل زائدا عليها لأنا نقول إنما حكمنا بكونه نفس الماهية لا مطلقا بل على تقدير كونه موجودا وكونه نسبة ينافي الفرض المذكور وهو كونه موجودا لأن النسب عندنا أمور اعتبارية لا وجود لها فلا يكون كلامكم معارضا بكلامنا ورابعها أنه لا يكون الوجوب مشتركا بين اثنين لأنه نفس الماهية فلو كان مشتركا بينهما لكان نفس ماهيتهما والمشتركان في الماهية لا بد أن يتمايزا بتعين فيلزم حينئذ تركبهما من الماهية والتعين وإنه محال لما
(٣٣٩)