آخر وهو أنه أي الإمكان سابق على الوجود لأن الشيء يمكن وجوده في نفسه فيوجد من غيره والصفة الثبوتية متأخرة عنه أي عن الوجود فإن قيام الصفة الموجودة بموصفها فرع لوجوده فلا يكون الإمكان صفة موجودة وربما يستعمل هذا الوجه الآخر في الوجوب كما استعمله الإمام الرازي فيقال الوجوب سابق على الوجود سبقا ذاتيا لأن إيجاب ماهيته لوجوده يستتبع وجوده عقلا ولذلك صح أن يقال اقتضى ذاته وجوده فوجود الصفة الثبوتية يستحيل أن يسبق على وجود موصوفها سبقا ذاتيا ويكفينا في الاستدلال على كون الوجوب أو الإمكان أمرا عدميا امتناع تأخره عن وجود الموصوف فلا نحتاج في ذلك إلى بيان التقدم فلا يتوجه علينا أنا لا نسلم تقدمه لجواز أن يكون معه وحينئذ نقول لا شبهة في أن الإمكان أو الوجوب يمتنع تأخره عن وجود موصوفه وكل صفة ثبوتية لا يمتنع تأخرها عن وجود موصوفها بل يجب تأخرها عنه ويكون هذا الدليل مطردا في كل صفة يمتنع تأخرها عن وجود موصوفها كالحدوث ونظائره ضابط يشتمل على قاعدتين ذكرهما صاحب التلويحات إحديهما أساس الوجه الأول الدال على كون كل واحد من الوجوب والإمكان أمرا اعتباريا والثانية أساس الوجه الآخر الذي استعمل في الوجوب أيضا إذا اكتفى فيه بامتناع التأخر أن كل ما تكرر نوعه أي يتصف أي شخص يفرض منه بمفهومه فهو اعتباري أي كل نوع كان بحيث إذا فرض أن فردا منه أي فرد كان موجود يجب أن يتصف ذلك الفرد بذلك النوع حتى يوجد ذلك النوع فيه مرتين مرة على أنه حقيقته ومرة
(٣٣١)