استغناء كل منها عن الآخر والمعجون فإنه مركب من المفردات مع أن كل مفرد منها مستغن عما عداه فانتقد ذلك الحكم الكلي وأجيب عنه بأن الجزء الصوري فيهما وهو الهيئة الاجتماعية العارضة للآحاد كلها وللمفردات بأسرها محتاج إلى الجزء المادي الذي هو الآحاد والمفردات وهو ضعيف لأن مثل هذه الهيئة الاعتبارية عارضة للإنسان والحجر الموضوع بجنبه فلو كان احتياجها كافيا لكان المركب منهما ماهية حقيقية وهو باطل بالضرورة والأولى في الجواب أن يقال أما المعجون فلا بد فيه من مزاج أي صورة نوعية تابعة للمزاج يستعقب كيفيات وآثارا صادرة عنه وأنه أي ذلك المزاج بمعنى الصورة جزء من المعجون ومحتاج إلى الأجزاء الأخر لحلوله فيها ويؤيد ما ذكرناه قول الإمام الرازي في المباحث المشرقية وأما الجزء الآخر وهو الصورة المعجونية التي هي مبدأ الآثار الصادرة عنه فهي محتاجة إلى الجزء الأول الذي هو مجموع المفردات وعلى هذا فلا إشكال وإن حمل المزاج على معناه الحقيقي وجعل جزءا من المعجون محتاجا إلى باقي الأجزاء لزم تركيب الجوهر الذي هو المعجون من جوهر وعرض وقد جوزه بعضهم متمسكا بتركب السرير من جوهر هو القطع الخشبية وعرض هو الترتيب المخصوص أو الهيئة المرتبة عليه قال والمحال تركب الجوهر من عرض قائم به فإنه متأخر عنه فلا يكون جزءا منه دون تركبه من جوهر آخر وعرض يقوم بذلك الجوهر الآخر لأن اللازم حينئذ تأخر أحد الجزئين عن الآخر نعم يستحيل أن يكون العرض جزءا محمولا للجوهر فتأمل وأما العسكر فإنه عبارة عن مجموع الآحاد فقط وهو موجود بلا شبهة إلا أنه ماهية وحدتها اعتبارية والكلام في الماهية الحقيقية الوحدة ولا فرق بين العسكر والمركب من الإنسان والحجر في أن المركب فيهما عين الآحاد بأسرها وفي أنه يترتب على الكل فيهما ما لا يترتب على كل واحد من أجزائه وفي أنه يمكن أن يعتبر هناك هيئة اجتماعية باعتبارها تعرض للأمور المتعددة وحدة اعتبارية إلا أن تلك الهيئة
(٣٠٥)