أن نثبت أقدامك في هذه المسألة بإشارة خفية إلى تحرير محل النزاع ومنشأ المذاهب والحق لا يحتجب عن طالبه بعد ذلك التحرير فنقول الحكماء لما قسموا الوجود إلى ذهني وخارجي وجعلوا الماهية الممكنة قابلة لهما ولرفعهما رأوا العوارض أي الأمور التي تعرض لتلك الماهية ثلاثة أقسام قسم يلحق الماهية من حيث هي هي أي مع قطع النظر عن هوياتها الخارجية وعن وجودها الذهني أيضا إذ لا مدخل في ذلك اللحوق لخصوصية شيء من الوجودين بل لمطلق الوجود فأينما وجدت الماهية كانت متصفة به وذلك كالزوجية للأربعة فإنها لازمة لماهية الأربعة وعارضة لها سواء وجدت الأربعة في الخارج أو في الذهن فلو فرض أربعة موجودة بأحد الوجودين غير زوج لم تكن أربعة فيلزم التناقض وكذا الحال في تساوي زوايا المثلث لقائمتين فإنه لازم لماهية المثلث وإن لم يكن بين الثبوت لها كالزوجية للأربعة فلو تصور مثلث غير متساوي الزوايا لقائمتين لم يكن مثلثا وقسم آخر يلحق الوجود أي الهويات الخارجية لا الماهية من حيث هي هي نحو التناهي والحدوث للجسم فإنه أي نحو ما ذكر لا يلزم ماهيته أي ماهية الجسم من حيث هي هي بل وجوده الخارجي فإن من تصور جسما قديما أو غير متناه لم يكن ذلك الشخص متناقضا في نفسه ولا متصورا لجسم غير جسم كما لزمه ذلك في تصور أربعة غير زوج وقسم ثالث يلحق الماهية باعتبار وجودها في الذهن فيكون لخصوصية هذا الوجود مدخل في عروضه للماهية فلا يحاذى به أمر في
(٢٩٩)