المواقف - الإيجي - ج ١ - الصفحة ٢٩٢
المقصد الثالث قال أفلاطون الماهية المجردة موجودة فإنه يوجد من كل نوع فرد مجرد عن جميع العوارض أزلي أبدي لا يتطرق إليه فساد أصلا قابل للمتقابلات واحتج عليه بأن الإنسان قابل للمتقابلات وإلا لم تعرض له فيكون في نفسه مجردا عن الكل لأن ما يكون معروضا لبعضها يستحيل أن يكون قابلا لما يقابله وأنت قد علمت أن المجرد لا وجود له في الخارج بل يمتنع أن يكون موجودا فيه فهذا المدعى باطل قطعا وعلمت أيضا أن القابل للمتقابلات الماهية من حيث هي هي فإنها في حد ذاتها قابلة للاتصاف بكل واحدة منها بدلا عن الآخر فالماهية الإنسانية المطلقة هي المقارنة للتشخصات المتقابلة وأما وجود فرد من الماهية الإنسانية يكون ذلك الفرد قابلا لزيد وعمرو أي لتشخصهما كما يدل عليه كلامه فضروري البطلان لاستحالة أن يكون الواحد المعين متصفا بالصفات المتقابلة في زمان واحد وكذا إن أراد بفرد منها الماهية المقيدة بقيد التجرد فإن اقتران المجرد بالقيود التي اعتبر تجريده عنها ضروري البطلان أيضا فظهر أن دليله غير واف بما ادعاه ولا يوجد في الخارج إلا الهويات الجزئية هذا الذي ذكرناه إنما يرد عليه أن حمل كلامه على ما هو ظاهر المنقول عنه وإن عنى به معنى آخر مثل ما أوله به بعض المتأخرين وهو صاحب الإشراق من أن لكل نوع من الأفلاك والكواكب والبسائط العنصرية ومركباتها أمرا من عالم العقول مجردا عن المادة قائما بذاته يديره أي يدبر ذلك النوع ويفيض عليه كمالاته ويعتني بشأنه عناية عظيمة شاملة لجميع أفراده وهو الذي يسميه ذلك البعض رب النوع ويعبر عنه في لسان الشرع كما ورد في
(٢٩٢)
مفاتيح البحث: الباطل، الإبطال (2)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 287 288 289 290 291 292 293 294 295 296 297 ... » »»