الأول التزام التسلسل في الأحوال ورده الإمام الرازي بأنه يسد باب إثبات الصانع وفيه نظر لأن إثبات الصانع إنما يتوقف على امتناع التسلسل في الأمور الموجودة والتزامهم لا ينافي هذا الامتناع لجواز أن يمتنع التسلسل في الموجودات ولا يمتنع في الأحوال التي ليست بموجودة كما لا يمتنع في الإضافات والسلوب اتفاقا والثاني أن الأحوال لا توصف بالتماثل والاختلاف فلا يصح أن يقال إنها مشتركة في الحالية لأنه وصف لها بالتماثل ولا إنها متمايزة بخصوصياتها لأنه وصف لها بالاختلاف وأجاب الإمام الرازي عنه أيضا بأن ذلك جهالة لأن كل أمرين يشير إليهما العقل بوجه من الوجوه إما أن يكون المتصور من أحدهما هو المتصور من الآخر أو لا فعلى الأول بينهما تماثل وعلى الثاني اختلاف فلا مخرج عنهما وفيه نظر لأنهم جعلوا التماثل والاختلاف إما صفة موجودة أو حالا وعلى كلا التقديرين لا يقوم إلا بالموجود أما على الأول فلأن وجود الصفة فرع وجود الموصوف وأما على الثاني فلأن الحال لا يقوم إلا بالموجود فإطلاقهما أي إطلاق التماثل والاختلاف على الأحوال يكون بمعنى آخر فلا يكون الحكم بأن الأحوال لا توصف بها بالمعنى الأول جهالة ثم إن الإمام الرازي بعد ما زيف الوجهين المذكورين في الجواب أجاب عن كلام النافين بأن الحال أي مفهومه ليس حالا بل هو سلب إذ معناه كونه ليس موجودا ولا معدوما وكل مفهوم اعتبر فيه سلب كان معدوما لا حالا وهذا الجواب إنما يتمشى إذا ادعى أن مفهوم الحال حال وحينئذ يجاب بجواب آخر أيضا وهو أن مفهوم الحال مشترك بين نفسه والأحوال الخاصة فلا
(٢٨٥)