بالدليل فإنهم لما جوزوا اتصاف المعدومات بالصفات لم يلزم من اتصاف المانع بالصفات المذكورة أن يكون موجودا بل يحتاج في العلم بوجوده إلى دليل قال الإمام الرازي إنه جهالة بينة وسفسطة ظاهرة لاستلزامه جواز أن يكون محال هذه الحركات والسكنات أمورا معدومة فيحتاج في العلم بوجودها إلى دلالة منفصلة و قال المصنف لعلهم أرادوا أنا بعد أن نعلم أن صانع العالم ذات تتصف بهذه الصفات نحتاج إلى أن نبين أن للعالم صانعا أي ذاتا تتصف بها كما نعلم أن الواجب يمتنع عدمه ومع ذلك نحتاج إلى إثباته بالبرهان وهذا قول صحيح لا جهالة فيه ولا سفسطة إذ معناه أنه لا يصح صانعا للعالم إلا من هذه صفاته وبهذا القدر لا يلزم وجوده في الخارج وماذا تقول فيمن يقول شريك الباري يجب اتصافه بهذه الصفات وإلا لم يكن شريكا له وإنه ممتنع في الخارج فظهر أن تقدير الاتصاف بالصفات الخارجية لا يقتضي تحقق وجود الموصوف في الخارج وهذا الاعتذار بعيد جدا لأن جعل هذا الكلام بهذا المعنى من تفاريع القول بثبوت المعدوم مما لا وجه له فإن جميع العقلاء متفقون على ذلك المقصد السابع الحال وهو الواسطة بين الموجود والمعدوم وقد أثبته إمام الحرمين أولا والقاضي منا وأبو هاشم من المعتزلة فإنه أول من قال بالحال وبطلانه ضروري لما عرفت أن الموجود ماله تحقق والمعدوم ما ليس كذلك ولا واسطة بين النفي والإثبات في شيء من المفهومات ضرورة واتفاقا فإن أريد نفي ذلك أي نفي ما ذكرناه من أنه لا واسطة بين النفي والإثبات وقصد
(٢٧٩)