تلك الأمور فلا بد لكل واحدة من تلك الدعاوى من برهان على حدة والحاصل أن الدليل إذا كان واحدا متناولا لمتعدد فلا بد أن تكون الدعوى عامة متناولة لذلك المتعدد وعمومها إياه إنما يكون بأخذ معنى واحد عام لجميعه إذ لولاه لوجب التعرض لخصوصية كل واحد من ذلك المتعدد فمن قال إن الوجود غير مشترك فلا شك أن حكمه غير مقتصر على وجود واحد بل يتناول كل وجود فلو كان مفهوم الوجود مختلفا لاحتاج ذلك القائل إلى أن يبرهن على كل واحد واحد من وجودات الماهيات أنه غير مشترك لاستحالة أن ينطبق الدليل الواحد على متعدد باعتبار خصوصية كل واحد منه لكنه معترف بأن حجته على أن الوجود غير مشترك تتناول كل وجود فلا بد له من أن يتصور معنى واحدا متناولا للوجودات بأسرها وقد حكم على ذلك المعنى بحكم إيجابي صادق هو أنه غير مشترك فلا بد أن يكون ذلك المعنى متحققا فقد لزمه الاعتراف بأن الوجود مشترك والجواب أنا نأخذها أي الدعوة سالبة لا موجبة معدولة فنقول لا يوجد معنى مشترك فيه بينها يسمى الوجود وذلك لا يقتضي وجودا مشتركا بينها بل يكفيها تصور وجود كذلك وهذا كما يقال لا يوجد شخص مشترك فيه بين اثنين فإنه لا يقتضي شخصا مشتركا بينهما لاستحالته بل يقتضي تصوره وتحقيقه أن السالبة لا تقتضي وجود الموضوع بل تصوره فقط ويمكن أن يجاب أيضا بأن المراد بالوجود هو المسمى بلفظ الوجود وهذا معنى واحد شامل لجميع الخصوصيات فيحكم عليه حكما عاما لها بهذا العنوان المتناول إياها من غير حاجة إلى أن يبرهن على خصوصية كل واحد منها الوجه السادس لو لم يكن الوجود معنى واحدا مشتركا لم يتميز الواجب عن الممكن فإنا إذا قلنا على تقدير كون الوجود معاني متعددة
(٢٣٨)