المواقف - الإيجي - ج ١ - الصفحة ١٨٠
تصوره بوجه أكمل فإن حصل نفس مفهومه بأجزائه كان ذلك حدا له إسميا وإن ذكر في تعريفه عوارضه كان ذلك رسما له إسميا والثاني ما يقصد به تصور حقائق موجودة ويسمى تعريفا بحسب الحقيقة إما حدا أو رسما وكلا هذين القسمين لا يتجه عليه منع لأن المتصدي لهما يمنزلة نقاش ينقش لك في ذهنك صورة مفهوم أو موجود فإنه إذا قال مثلا الإنسان حيوان ناطق لم يقصد به أن يحكم على الإنسان بكونه حيوانا ناطقا وإلا لكان مصدقا لا مصورا أي مفيدا للتصديق لا التصور بل أراد بذكر الإنسان أن يتوجه ذهنك إلى ما عرفته بوجه ما ثم شرع في تصويره بوجه أكمل فليس بين الحد والمحدود حكم حتى يمنع فلا يصح أن يقال لا نسلم أن الإنسان حيوان ناطق فإن ذلك يجري مجرى أن يقال للكاتب لا نسلم كتابتك نعم يصح أن يقال لا نسلم أن هذا حد للإنسان أو أن الحيوان جنس له أو أن الناطق فصل له.. إلى غير ذلك فإن هذه الدعاوى صادرة عنه ضمنا وقابلة للمنع فإذا أريد دفعه صعب جدا في الحقائق الموجودة وكان خرط القتاد دونه وإن سهل في المفهومات الاعتبارية وكذا يتجه على الحد النقض والمعارضة فإذا قيل مثلا العلم ما يصح من الموصوف به أحكام الفعل يقال هذا منقوض بالعلم بالواجبات والمستحيلات فإن سلم اتحاد وجود العلم المتعلق بهما فقد اعترف ببطلان حده وفساد نقشه وإلا فلا ويقال أيضا هذا معارض بأنه الاعتقاد المقتضى لسكون النفس فأن سلم الحد الثاني بطل حده وإلا فلا إذ لا تعاند بين مفهومي هذين الحدين بل كان منهما مفهوم على حدة أما إذا قيل الإنسان حيوان ناطق وأريد أن هذا مدلوله لغة أو اصطلاحا كان هذا تعريفا لفظيا وحكما قابلا للمنع الذي يدفع بمجرد نقل أو وجه استعمال ثم إنه يقدم في
(١٨٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 175 176 177 178 179 180 181 182 183 184 185 ... » »»