صورتها سواء كانت مقدماتها صادقة أو كاذبة لا تستلزم اعتقادا أصلا لا خطأ ولا صوابا المقصد التاسع فيما اختلف في كونه شرطا للنظر قال ابن سينا شرط إفادة النظر للعلم التفطن لكيفية الاندراج والارتباط بين المقدمتين فإن من يعلم أن هذه بغلة وكل بغلة عاقر قد يراها منتفخة البطن فيظن أنها حامل وما هو أي ظنه كونها حاملا إلا لذهوله عن ارتباط الصغرى بالكبرى واندراج هذا الجزئي الذي هو هذه البغلة تحت ذلك الكلي الذي هو كل بغلة عاقر إذ لولا هذا الذهول لجزم بكونها عاقرا ولم يظن أنها حامل ومنعه الإمام الرازي فقال ليس ذلك التفطن شرطا لإفادة النظر للعلم لأن العلم بأن هذا مندرج في ذلك وبأن إحدى المقدمتين مرتبطة بالأخرى تصديق آخر مغاير للتصديق بالصغرى والكبرى فلو وجب العلم به أي بأن هذا مندرج في ذاك وبأن هذه مرتبطة بتلك كانت هذه القضية التي وجب العلم بها مقدمة أخرى منضمة إليها أي إلى المقدمات الأخرى مرتبطة معها ويجب ملاحظة الترتيب وكيفية الاندراج مرة أخرى ويلزم التسلسل فيمتنع حصول العلم بالمطلوب والواجب لا نسلم أن ذلك الذي وجب العلم به مقدمة أخرى بل ذلك التفطن الذي اعتبره ابن سينا هو ملاحظة نسبة المقدمتين إلى النتيجة فإنه قال هكذا فلا سبيل إلى درك مطلوب مجهول إلا من قبل حاصل معلوم ولا سبيل أيضا إلى ذلك إلا بالتفطن للجهة التي لأجلها صار مؤديا إلى المطلوب فأشار بالتفطن للجهة المذكورة إلى تلك الملاحظة وهي من قبيل التصور دون التصديق فلا تسلسل وقد احتج البعض يعني القاضي البيضاوي على رأي ابن سينا
(١٧٢)