غدو عبد إلى معاش يرجع منه بفضل قوت ثم يقول أن الزهد في الحلال وترك الدنيا مع القدرة عليها أفضل من الرغبة في حلاها وهذامالا خلاف فيه بين علماء المسلمين قديما وحديثا وقد اختلف الناس في حدود الزهد والعبارة عنه بما يطول ذكره وأحين ما قيل فيه قول ابن شهاب الزهد في الدنيا أن لا يغلب الحرام صبرك ولا الحلال شكرك وكان سفيان الثوري ومالك بان أنس يقولان الزهد في الدنيا قصر الأمل حدثنا سعيد حدثنا قاسم حدثنا محمد حدثنا موسى حدثنا وكيع قال سمعت سفيان الثوري وسئل عن الزهد في الدينا فقال قصر الأمل قال وقال مالك بن انس مثل ذلك وذكر ابن أبي الدنيا قال حدثنا محمد بن علي قال حدثنا إبراهيم بن الأشعث قال سألت فضيل بن عياض عن الزهد فقال الزهد القناعة وفيها الغنى قال وسألته عن الورع فقال اجتناب المحارم والاكثار عن السلف من الصحابة والتابعين ومن بعدهم من علماء المسلمين في فضل الصبر عن الدنيا والزهد فيها وفضل القناعة والرضا بالكفاف والاقتصار على ما يكفي دون التكاثر الذي يلهي ويطغي أكثر من أن يحيط بها كتاب أو يشتمل عليها باب والذين زوى الله عنهم الدنيا من الصحابة أكثر من الذين فتحها عليهم أضعافا مضاعفة روينا عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال إن الله عز وجل ليحمي عبده الدينا كما يحمي أحدكم مريضه الطعام يشتهيه وهذا والله أعلم نظر منه عز وجل لذلك العبد فرب رجل كان الغني سبب فسقه وعصيانه لربه وانتهاكه لحرمة ورب رجل كان الفقر سبب ذلك كله له وربما كان سبب كفره وتعطيل فرائضه وهما طرفان مذمومان عند العلماء وقد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم ما يدل على ذلك من قوله عليه السلام اللهم أني أعوذ بك من غنى مبطر مطغ وفقر منس وكان صلى الله عليه وسلم يقول اللهم إني أعوذ بك من الجوع فإنه بئس الضجيع وأعوذ بك من الخيانة فإنها بئست البطانة وكان من دعائه صلى الله عليه وسلم اللهم إني أعوذ بك من الفقر والفاقة والقلة والذلة وأن اظلم أو أظلم أو أجهل أو يجهل علي وكان من دعائه صلى الله عليه وسلم اللهم إني أسألك الهدى والتقى والعافية والغنى والدليل على أن التقلل من الدنيا والاقتصاد فيها والرضا بالكفاف منها والاقتصار على ما يكفي ويغني عن الناس أفضل من الاستكثار
(١٦)