الكافي - ابن عبد البر - الصفحة ٣٦٤
أدرك المبيع فسخ وإن فات رد إلى قيمته بالغا ما بلغ يوم قبضه المشتري ومن هذا أيضا بيع المنابذة وهو أن ينبذ الرجل بثوب لذلك الرجل بثوب ينبذه أيضا إليه ليكون أحدهما ثمنا لصاحبه على غير تقليب ولا تأمل ولا معرفة ويبتاعه على ذلك من غير صفة ولا رؤية فالحكم فيه متى وقع أن يفسخ على ما ذكرنا إلا أن يفوت عند المبتاع فيكون حكمه ما وصفنا وكذلك بيع الحصاة الذي نهى عنه النبي صلى الله عليه وسلم وهو أن يقول المبتاع للبائع في عدد ثياب ونحوها أيها وقعت عليها حصاتي هذه فقد وجبت لي بكذا ثم يرمي بالحصاة وهو بيع كان أهل الجاهلية يفعلونه فنهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عنه لما فيه من معنى القمار والمخاطرة والغرر كما نهى عن الملامسة والمنابذة وقد أوضحنا ذلك جملة في كتاب التمهيد والحمد لله ومما نهى عنه الكاليء بالكاليء وهو الدين بالدين وهذا باب يشبع ويتشعب وتكثر فروعه على مذهب مالك وأصحابه فمن ذلك أن يكون لرجل على آخر دين من بيع أو سلف فيبتاع منه سلعة إلى أجل فهذا لا يجوز ويفسخ حتى وقع لأنه فسخ دين في دين فإن فات رد إلى قيمته يوم قبضه إلا أن يكون طعاما أو أداما فيرجع بمكيلته أو وزنه في صفته ولو أخذ في دينه طعاما فذهب ليجيء بالدواب أو ليكتري منزلا يجعله فيه فيكون في ذلك تأخير اليوم واليومين أو ابتداء في كيله فتغيب الشمس ثم يكتاله من الغد وما كان مثل هذا كله فلا بأس به عند مالك وأصحابه ومن الدين بالدين تأخير رأس مال السلم إلى أجل السلم أو دون أجله أو أبعد منه على ما بينا في باب السلم وعندي أنه لا يتأخر عنه ساعة كالصرف سواء فإن وقع هذا أيضا فسخ ويرجع كل واحد منهما إن كان دفع شيئا فيما دفع ومن الدين بالدين عند أكثر أصحاب مالك أن يتحول بما حل من الدين في دار يسكنها أو عبد يخدمه أو دابة يركبها أو ثمرة يجذها في أيام كثيرة أو أمة يستبرئها ومن أصحاب مالك طائفة منهم أشهب ومحمد بن مسلمة لا يرون هذا من باب الدين بالدين وهو القياس عندي والنظر الصحيح لإجماعهم على جواز بيع السلم وبيع السلم بالنسيئة فدل على أن الدين بالدين ما اغترف الدين طرفيه
(٣٦٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 359 360 361 362 363 364 365 366 367 368 369 ... » »»