العدد لا يجوز أن يبيع شيئا من ذلك كله حتى يستوفيه مما يستوفي به مثله كيلا أو وزنا أو عددا إذا كان مأكولا أو مشروبا بائعا كان أو غير بائع إلا الماء وحده وكذلك التوابيل والشويز والكهرة وزريعة الفجل الأبيض التي تؤكل وزريعة الكتان والجلجلان وما كن مثل هذا كله مما يؤكل أو يشرب عدا وأما الأدوية مثل الهليلج والمصطكا والقرفة والسنبل والفلفل والخردل والزنجبيل والبذور التي لا تؤكل بعينها مثل بزر الجزر والسلق والبصل والكراث والجرجير والقثاء وما أشبهه فلا بأس ببيعه قبل أن يستوفي ويجوز فيه التفاضل لأنه ليس بطعام وقد قيل في الخردل والقرفة والفلفل والزنجبيل والسنبل أن ذلك كله من التوابل وحكمه حكمها وهذا إنما هو فيما اشترى من الطعام القوت والفاكهة والإدام وأما من استقرض طعاما فلم يقبضه من الذين اقرضه إياه حتى باعه من غيره فجائز له ذلك وكذلك كل ما ملك بغير عوض مثل الهبة والميراث جائز بيع ذلك كله قبل قبضه واستيفائه لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم خص مبتاع الطعام بذلك دون غيره وقال من ابتاع طعاما فلا يبعه حتى يستوفيه ولم يقل من مالك طعاما فلا يبعه حتى يستوفيه هذا كله تحصيل مذهب مالك عند جماعة أصحابه واختلفوا في المشتري للطعام على الكيل يموت قبل أن يقبض ما اشتراه منه فقال أكثرهم لا يبيعه وارثه حتى يستوفيه ويقبضه لأنه قام مقام الميت في ذلك وهذا هو الصحيح وقال بعضهم يبيعه قبل أن يستوفيه لأنه وارث له لا مبتاع ومن ابتاع طعاما بكيل ثم اقرضه غيره أو هبه له أو قضاه رجلا من قرض كان له عليه فلا يبيعه أحد ممن صار إليه ذلك الطعام حتى يقبضه ومن ابتاع طعاما مكيلا فاستوفاه بالكيل ثم أراد بيعه وأخبر مشتريه بكيله وصدقه المشتري على ذلك جاز إذا كان الثمن نقدا فإن كان نسيئة لم يجز ولو وجد فيه المشتري بعد التصديق نقصا أو زيادة قامت له على ذلك بينة نظر فإن كانت الزيادة والنقصان يسيرا فهي للمشتري وعليه وإن كان كثيرا فهو للبائع وعليه وأجاز مالك وأصحابه الإقالة والشركة والتولية في الطعام قبل أن يستوفي بمثل الثمن لا زيادة ولا نقصان إن كان اشتراه بنقد فبمثل النقد وإن كان إلى أجل فإلى أجل مثل ذلك وجعلوا ذلك من باب المعروف والإحسان لا من باب البيع والمكايسة
(٣٢٠)