الكافي - ابن عبد البر - الصفحة ٣٠٤
وزائفا فقال ابن عبد الحكم في أصول البيوع وإذا اصطرف دنانير بدراهم كيلا فوجد فيها ناقصا أو مكسورا أو قبيح الوجه لا يجوز بين الناس فليس له أن يرده وليس ينفسخ من أجل ذلك شيء من صرفه وإن وجد فيها نحاسا أو رصاصا أو درهما مغشوشا فإنه يرد إن شاء وينتقص من الصرف دينار فقط يكون سبيله سبيل ما وصفت لك في الأولى ولأهل المدينة وغيرهم في هذه المسألة أيضا قولان أحدهما يستبدل ولا ينتقص شيء من الصرف وإليه ذهب الليث بن سعد والأوزاعي وأحمد بن حنبل والقول الآخر يبطل الصرف فيما رد خاصة ويصح فيما قبضه وقال به جماعة أيضا وإن استنفق أحدهما بعض الصرف وأصاب فيما بقي رديا وأقر له به صاحبه رد مثل ما أنفق في عيونها ووزنها وتناقضا الصرف بينهما ورجع كل واحد منهما على صاحبه بمثل نقده في عينه ووزنه ومن أنكر منهما ما رد عليه صاحبه وزعم أنه لا يعرفه حلف بالله ما أعطاه ألا جيادا في علمه وأنه لا يعرف هذا في ما أعطاه ويبرأ وأجاز مالك الدينار الناقص الرديء العين بالدينار الوازن الجيد على وجه المعروف وجعله من باب القرض والمعروف والإحسان وقال وإن كان الناقص أجود عينا لم يجز لأنه هاهنا مكايسة ومبايعة وذهب أكثر أهل العلم إلى كراهية ذلك والإبابة من جوازه وحجتهم أن كل ما كان بدلا ببدل من انتقال الأملاك فليس بقرض وإن كان ما أخذ منه البدل والعوض فهو بيع من البيوع وقد نهى النبي عليه السلام عن الدينار بالدينار والدرهم بالدرهم إلا مثلا بمثل وزنان بوزن وللقرض أحكام وسنن وسنفرد لذلك بابا إن شاء الله كافيا في آخر هذا الجزء ومما أجاز مالك رحمه الله وخالفه فيه سائر الفقهاء بيع الثوب معجلا بدينار إلى شهر والدينار بكذا درهم إلى شهرين لأن البيع وقع عنده بالدراهم ولم ينظر إلى قبيح كلامهما إذا صح العمل بنيهما كما لا ينظر إلى حسن كلامهما إذا قبح العمل بينهما وهذا عند غيره صرف فيه عدة ونسيئة وبيعتان في بيعة وأجاز مالك التصرف في يمن الصرف قبل القبض وذلك أن يأخذ بثمن الصرف سلعة قبل الافتراق وهذا بالذي قبله باب واحد عنده ولا يجوز بيع فضة وذهب بفضة ولا ذهب وفضة بذهب ولا يجوز أن يكون مع أحد الذهبين دراهم ولا عوض ولا طعام ولا إدام وكذلك الدراهم بالدراهم بهذه المنزلة سواء وإذا كان لرجل على رجل دينار سلفا أو من ثمن بيع فلا يجوز عند مالك أن يأخذ نصفه
(٣٠٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 299 300 301 302 303 304 305 306 307 308 309 ... » »»