الكافي - ابن عبد البر - الصفحة ٢١٠
إلا أن يجيزه الإمام وهذا مما انفرد به عبد الملك والأول قول مالك وجمهور أهل العلم وقد أوضحنا وجهه في كتاب التمهيد ولا يجوز أمان غير المسلم ومن قتل كافرا بعد الأمان لزمته ديته إن كان القاتل مسلما وإن كان كافرا قتل به إذا تعمد قتله ومن طلب من الحربيين الأمان على أن يكون ذميا يؤدي الجزية قبل ذلك منه وكل رسول طلب الأمان أعطيه وكذلك كل مستجير جاء ليسمع كلام الله أمن حتى يعلم ما عنده ويرد إلى مأمنه وإذا اضطر الإمام إلى مهادنة الكفار الحربيين هادنهم إذا رأى ذلك نظرا مثل أن يحاصر حصنا فيكون الأغلب عليه الامتناع منه وتعذر أخذه ولم يطق الإقامة عليه وسألوا أن يعطوه شيئا وينصرف عنهم فذلك جائز لأنه قد نال به من عدوه نيلا لا يطمع في أكثر منه وإذا كان على غير هذا فلا يقبل منه إلا الجزية عن يد صاغرا فيكونون ذمة أو القتال وأما مع ظهور حالهم وعز سلطانهم فلا يجوز إلا مع العجز عنهم وإذا خاف الإمام إن اشتغل بقتال ناحية أن يغلب على أخرى جاز له مهادنتها والله أعلم ويستحب ألا تكون مدة المهادنة أكثر من أربعة أشهر إلا مع العجز باب مقام المسلم في دار الكفر وفدائه من أيدي العدو لا يحل لمسلم أن يقيم في دار الكفر وهو قادر على الخروج عنها ولا ينبغي له ان ينكح حربية ويقيم بدار يجري عليه فيها حكم الكفر ولا بأس بإقامة العسكر في دار الحرب محاربا لهم ما شاء ولا بأس ببقائه الشتوة وأكثر عندهم إذا أمن ورجا الظهور عليهم ولو أطلق الأسير واستحلف على إن لا يخرج من بلادهم كان عليه الخروج فرضا إذا قدر ويكفر يمينه إذا لم يكن أكره عليها فإن أكره عليها فلا كفارة عليه وإذا أعطى الأسير الكفار عهدا أن يرجع إليهم فلا يفعل وقد اختلف في هذه المسألة والتي قبلها عن مالك وأصحابه والصحيح من ذلك عندنا ما ذكرنا وهو اختيار المدنيين من أصحاب مالك وروي أيضا عنه ولو أسلم حربي ببلاد الحرب فقتله مسلم خطأ قبل أن يخرج وهو لا يعلمه مسلما فقد قيل عليه الدية والكفارة وقيل
(٢١٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 205 206 207 208 209 210 211 212 213 214 215 ... » »»