وإنما الذي فرقوا بينهما فيه التقبيل لا غير فرأوا تقبيل الركن الأسود والحجر ولم يروا تقبيل اليماني وأما استلامهما جميعا فأمر مجتمع عليه وإنما اختلفوا في استلام الركنين الآخرين وقد ذكرنا اختلافهم في ذلك في مواضع من كتابنا والحمد لله وقد كان عروة بن الزبير وهو راوية هذا الحديث يستلم الأركان كلها ذكر مالك في الموطأ عن هشام بن عروة أن أباه كان إذا طاف بالبيت يستلم الأركان كلها وكان لا يدع الركن اليماني إلا أن يغلب عليه (384) وذكر ابن وهب في موطأ مالك عن مالك قال سمعت بعض أهل العلم يستحب إذا رفع الذي يطوف يده على الركن اليماني أن يضعها على فيه من غير تقبيل ولا يقبل إلا الركن الأسود يقبل ويستلم باليد وتوضع على الفم ولا يقبل اليد فيهما جميعا قال أبو عمر فهذا كله من قول مالك في موطئه من رواية ابن وهب وغيره يبين ما بينا وبالله توفيقنا وفي استلام الركنين الأسود واليماني آثار ثابتة مسندة أحسنها حديث ابن شهاب عن سالم عن ابن عمر قال لم أر رسول الله صلى الله عليه وسلم يسمح من البيت إلا الركنين اليمانيين قال وأخبر ابن عمر بقول عائشة أن الحجر من البيت فقال إن كانت عائشة سمعت هذا من رسول الله صلى الله عليه وسلم إني لأظن (385) رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يترك استلامهما إلا أنهما ليسا على قواعد إبراهيم صلى الله عليه وسلم ولا طاف الناس من وراء الحجر إلا لذلك (386)
(٢٦٠)