التمهيد - ابن عبد البر - ج ٢٢ - الصفحة ١٢٥
قال أبو عمر لما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم مروا أبا بكر يصلي بالناس في مرضه الذي توفي فيه واستخلفه على الصلاة وهي عظم الدين وكانت إليه لا يجوز أن يتقدم إليها أحد بحضرته صلى الله عليه وسلم فلما مرض استخلف عليها أبا بكر والصحابة متوافرون (65) منهم علي وعمر وعثمان (66) رضي الله عنهم استدل المسلمون بذلك على فضل أبي بكر وعلى أنه أحق بالخلافة بعد وعلمو ذلك فارتضوا (67) لدنياهم وإمامتهم وخلافتهم من ارتضاه لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم لأجل دينهم وذلك إمامتهم في صلاتهم ولم يكن يمنع رسول الله صلى الله عليه وسلم من أن يصرح بخلافة أبي بكر بعده والله أعلم إلا أنه كان لا ينطق في دين الله بهواه ولا ينطق إلا بما يوحى إليه فيه قال الله عز وجل * (وما ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى) * 68 ولم يكن يوحى إليه في الخلافة شيء وكان لا يتقدم بين يدي ربه في شيء وكان يحب أن يكون أبو بكر الخليفة بعده فلما لم ينزل عليه في ذلك وحي ونعني لم يؤمر بذلك ولكنه أراهم موضع الاختيار وموضع إرادته فعرف المسلمون ذلك منه فبايعوا أبا بكر بعده فخير لهم في ذلك ونفعهم الله به وبارك لهم فيه فقاتل أهل الردة حتى أقام الدين كما كان وعدل في الرعية وقسم بالسوية وسار بسيرة رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى توفاه الله حميدا رضي الله عنه وقد روى هذا الحديث حماد بن سلمة عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة بمعنى حديث مالك قال حماد وأخبرنا أيوب عن ابن أبي مليكة عن عائشة بمثله قال ابن أبي مليكة وأي خلافة أبين من هذا
(١٢٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 120 121 122 123 124 125 126 127 128 129 130 ... » »»