قال أهل اللغة خسفت إذا ذهب ضوؤها ولونها وكسفت إذا تغير لونها يقال بئر خسيف إذا ذهب ماؤها وفلان كاسف اللون أي متغير اللون ومنهم من يجعل الخسوف والكسوف واحد والأول أولى والله أعلم وقد تقدم القول في معاني هذا الحديث وما للعلماء في صلاة الخسوف من المذاهب والمعاني ممهدا في باب زيد ابن أسلم بن أسلم من هذا الكتاب (49) فلا معنى لإعادة ذلك ههنا وفي هذا الحديث حجة الشافعي في قوله إن الإمام يخطب في الكسوف بعد الصلاة كالعيدين والاستسقاء ألا ترى إلى قوله في هذا الحديث ثم انصرف وقد تجلت فخطب الناس فحمد الله واثنى عليه وهو قول الطبري وقال مالك وأبو حنيفة وأصحابهما لا خطبة في الخسوف والحجة لهم أن خطبة رسول الله صلى الله عليه وسلم يومئذ إنما كانت لأن الناس كانوا يقولون كسفت الشمس لموت إبراهيم ابن النبي صلى الله عليه وسلم فخطبهم ليعلمهم بأنه ليس كذلك وأن الشمس والقمر آيتان من آيات الله لا يخسفان لموت أحد ولا لحياته واحتج الشافعي ومن قال بقوله في أن القمر يصلى لكسوفه كما يصلى في كسوف الشمس سواء في جماعة وعلى هيئتها بقوله صلى الله عليه وسلم إن الشمس والقمر آيتان من آيات الله لا يخسفان لموت أحد ولا لحياته فإذا رأيتم ذلك فصلوا فندب رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الصلاة عند خسوفهما ولم يخص إحداهما دون الأخرى بشيء وصلى عند كسوف الشمس فكان القمر في حكم ذلك عند كسوفه إذ لم ينقل عنه خلاف ذلك صلى الله عليه وسلم في القمر
(١١٦)