خالفنا إن الله لما ذكر طهارة الجنب في أول الآية ذكر الملامسة في آخر الآية موصولا بذكر الغائط استدلوا بذلك على أنه غير الجنابة فليس كما قالوا وإنما كان يكون ما قالوا دليلا لو كان إنما أوجب على الملامس في آخر الآية الطهارة التي أوجبها على الجنب في أولها فكان يكون دليلا على أن اللمس غير الجنابة لأنه قد أوجب الطهارة من الجنابة في أول الآية فلم يكن لإعادة إيجاب الطهارة منها في آخرها معنى يصح ولكنه إنما أوجب عليه في أول الآية الاغتسال بالماء وأوجب عليه في آخرها التيمم بدلا من الماء إذا كان مسافرا لا يجد الماء أو مريضا قالوا فهذا المعنى أصح وأشبه بالتأويل مما ذهب إليه من خالفنا قال أبو عمر وقال أكثر أهل الحجاز وبعض أهل العراق اللمس ما دون الجماع مثل القبلة والجسة والمباشرة باليد ونحو ذلك مما دون الجماع وهو مذهب مالك وأصحابه والأوزاعي والشافعي وأصحابه وأحمد بن حنبل وإسحاق إلا أنهم اختلفوا في معنى اعتبار اللذة على ما نذكره بعد في هذا الباب إن شاء الله وممن روي عنه أن اللمس ما دون الجماع عمر وابن مسعود وابن عمر وجماعة من التابعين بالمدينة والكوفة والشام وروى مالك عن ابن شهاب عن سالم عن أبيه أنه كان يقول قبلة الرجل امرأته وجسها بيده من الملامسة فمن قبلها أو جسها بيده وجب عليه الوضوء ورواه الدراوردي عن ابن أخي ابن شهاب عن ابن شهاب عن سالم عن أبيه (75) عن عمر قال القبلة من اللمم فتوضؤوا منها وهذا عندهم خطأ وإنما هو عن ابن عمر صحيح لا عن عمر
(١٧٦)