التمهيد - ابن عبد البر - ج ٢٠ - الصفحة ٢٤٣
ومن أحسن ما قيل في هذا المعنى من النظم قول أبي العتاهية * أهل القبور عليكم مني السلام * إني أكلمكم وليس بكم كلام * لا تحسبوا أن الأحبة لم يسغ * من بعدكم لهم الشراب ولا الطعام * كلا لقد رفضوكم واستبدلوا بكم * وفرق ذات بينكم الحمام * والخلق كلهم كذلك فكل (166) من * قد مات ليس له على حي ذمام (167 * وأما قوله صلى الله عليه وسلم وإنا إن شاء الله بكم لاحقون ففي معناه قولان أحدهما أن الاستثناء مردود على معنى قوله دار قوم مؤمنين أي وإنا بكم لا حقون مؤمنين إن شاء الله يريد في حال إيمان لأن الفتنة لا يأمنها مؤمن ألا ترى إلى قول إبراهيم عليه السلام * (واجنبني وبني أن نعبد الأصنام) * 168 وقول يوسف صلى الله عليه وسلم * (توفني مسلما وألحقني بالصالحين) * 169 والوجه الثاني أنه قد يكون الاستثناء في الواجبات التي لا بد من وقوعها كالموت والكون في القبر ولا بد منه ليس على سبيل الشك ولكنها لغة العرب ألا ترى إلى قول الله تعالى * (لتدخلن المسجد الحرام إن شاء الله آمنين) * 170 والشك لا سبيل إلى إضافته إلى الله عز وجل (تعالى) (171) عن ذلك علام الغيوب وأما قوله وددت أني رأيت إخواننا فقيل يا رسول الله لسنا بأخوانك قال بلى أنتم أصحابي وإخواننا الذين لم يأتوا بعد فظاهر هذا الكلام أن إخوانه صلى الله عليه وسلم غير أصحابه وأصحابه الذين رأوه وصحبوه مؤمنين
(٢٤٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 238 239 240 241 242 243 244 245 246 247 248 ... » »»