التمهيد - ابن عبد البر - ج ٢٠ - الصفحة ٢٣٦
قال أبو عمر ظن ذلك من أجل قولهم في القراءة في القضاء والله أعلم واحتج القائلون بأن ما أدرك هو أول صلاته بقوله صلى الله عليه وسلم وما أدركتم فصلوا وما فاتكم فأتموا قالوا والتمام هو الآخر واحتج الآخرون بقوله ما فاتكم فاقضوا قالوا والذي يقضيه هو الفائت والحجج متساوية لكلا المذهبين من جهة الأثر والنظر إلا أن رواية من روى فأتموا أكثر وأما من جعل ما أدرك مع الإمام أول صلاته فليس يطرد فيه ويستقيم إلا ما قاله ابن أبي سلمة والمزني وإسحاق وداود والله أعلم وبه التوفيق والسداد لا شريك له وقد زعم بعض المتأخرين من أصحابنا أن من ذهب مذهب ابن أبي سلمة والمزني في هذا المسألة أسقط سنة الجهر في صلاة الليل وسنة السورة مع أم القرآن وهذا ليس بشيء لأن إمامه قد جاء بذلك وحصلت صلاته على سنتها في سرها وجهرها وغير ذلك من أحكامها وإنما هذا كرجل أحرم والإمام راكع ثم انحنى فلا يقال له أسقطت سنة الوقوف والقراءة وكرجل أدرك مع إمامه ركعة فجلس معه في موضع قيامه أو انفرد فلا يقال له أسأت أو أسقطت شيئا وحسبه إذا أتم صلاته أن يأتي بها على سنة آخرها ولا يضره ما سبقه إمامه في أولها لأنه مأمور باتباع إمامه وإنما جعل الإمام ليؤتم به وقال أبو بكر الأثرم قلت لأبي عبد الله يعني أحمد بن حنبل أرأيت قول من قال يجعل ما أدرك مع الإمام أول صلاته ومن قال يجعله آخر صلاته أي شيء الفرق بينهما قال من أجل القراءة فيما يقضي قلت له فحديث النبي صلى الله عليه وسلم على أي القولين يدل عندك قال على أنه يقضي ما فاته قال صلى الله عليه وسلم صلوا ما أدركتم واقضوا ما سبقكم وقد احتج داود وغيره من القائلين بأن من أدرك الإمام يوم الجمعة في التشهد صلى ركعتين بهذا الحديث قوله صلى الله عليه وسلم ما أدركتم فصلوا وما فاتكم فأتموا أو فاقضوا قالوا فالذي فاته ركعتان لا أربع فإنما عليه أن يقضي ما فاته ويتم صلاته
(٢٣٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 231 232 233 234 235 236 237 238 239 240 241 ... » »»