التمهيد - ابن عبد البر - ج ١٩ - الصفحة ٣
لا يمنع فضل الماء ليمنع به الكلأ تأويلهما ومعناهما واحد فهو كما قال (3) ولكن قوله صلى الله عليه وسلم لا يمنع فضل الماء ليمنع به الكلأ لم يختلف قول مالك أنها آبار الماشية في الفلوات ومواضع الكلأ قال لأنه إذا منع فضل ماء بئر الماشية لم يستطع أحد أن يرعى في الكلأ بغير ماء يسقي به ماشيته ولو منع من فضل ذلك الماء منع فضل الكلأ الذي حوله قال مالك ولا أرى أن يحل بيع ماء بئر الماشية قال وأما بئر الزرع فلا بأس ببيع مائها وقال في بئر الزرع وبئر النخل إنه لا يكره ربها على أن يسقي فضل مائها غيره وأنه لحسن أن يفعل إلا إن تعذر بئر جاره فهو يكره على أن يسقيه فضل مائه لئلا يهلك زرعه ونخله حتى يصلح بئره قال ابن وهب وسمعت مالك وسئل عن تفسير قول النبي صلى الله عليه وسلم لا يمنع نقع بئر فقال مالك بئر الرجل تنهار فيقل ماؤها فلا يمنعه جار أن يسقي أرضه من بئره حتى يصلح بئره وقال هذا تفسيره في رأيي قال وسئل مالك عن قول النبي صلى الله عليه وسلم لا يمنع فضل الماء ليمنع به الكلأ فقال مالك يكون الكلأ بالموضع ويكون فيه الماء للرجل فيأتي آخر بغنمه ليرعى في ذلك الكلأ فيمنعه ذلك أن يسقي من مائه قال ولو قدر الناس على هذا لحموا بلادهم ولم يدعوا أحدا يدخل عليهم في الكلأ وقد تقدم القول في ذلك كله بما لفقهاء الأمصار فيه من المذاهب والأقوال والاعتلال والاعتبار في باب أبي الرجال من كتابنا هذا فمن تأمله هناك اكتفى به إن شاء الله قال ابن وهب قال مالك لا تباع مياه الماشية إنما تشرب منها الماشية وأبناء السبيل ولا يمنع منها أحد وقد كان يكتب على من احتفرها أن أول من يشرب منها أبناء السبيل قال وكذلك جباب البادية التي تكون للماشية فقيل لمالك أفرأيت الجباب التي تجعل لماء السماء قال فذلك أبعد
(٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « 1 2 3 4 5 6 7 8 9 10 11 ... » »»