التمهيد - ابن عبد البر - ج ١٧ - الصفحة ٢٨٣
يقولون إنها الاستسقاء بالأنواء فذكروا هذه الأحاديث ومثلها وقالوا قد نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن النياحة وحرمها ولعن النائحة والمستمعة قالوا وقد قال الله عز وجل * (يا أيها الذين آمنوا قوا أنفسكم وأهليكم نارا) * 1 وقال * (وأمر أهلك بالصلاة) * 2 فواجب على كل مسلم أن يعلم أهله ما بهم الحاجة إليه من أمر دينهم ويأمرهم به وواجب عليه أن ينهاهم عن كل ما لا يحل لهم ويوقفهم عليه ويمنعهم منه ويعلمهم ذلك كله لقول الله عز وجل * (يا أيها الذين آمنوا قوا أنفسكم وأهليكم نارا) * قالوا فإذا علم الرجل المسلم ما جاء عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في النياحة على الميت والنهي عنها والتشديد فيها ولم ينه عن ذلك أهله ونيح عليه بعد ذلك فإنما يعذب بمانيح عليه لأنه لم يفعل ما أمر به من نهي أهله عن ذلك وأمره إياهم بالكف عنه وإذا كان ذلك كذلك فإنما يعذب بفعل نفسه وذنبه لا بذنب غيره وليس في ذلك ما يعارض قول الله عز وجل * (ولا تزر وازرة وزر أخرى) * وكان ما رواه عمر وابن عمر والمغيرة وغيرهم صحيح المعنى غير مدفوع وبالله التوفيق وقال المزني بلغني أنهم كانوا يوصون بالبكاء عليهم أو بالنياحة أو بهما وهي معصية ومن أمر بها فعملت بعده كانت له ذنبا فيجوز أن يزاد بذنبه عذابا كما قال الشافعي لا بذنب غيره
(٢٨٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 278 279 280 281 282 283 284 285 287 288 289 ... » »»