ثم أتيته فقلت جئت أبايعك فقال بيعة أعرابية أو بيعة هجرة قلت بيعة هجرة قال فبايعته وأقمت قال أبو عمر ففي قول عقبة في هذا الحديث فبايعته وأقمت دليل على أن البيعة على الهجرة توجب الإقامة بالمدينة وأن البيعة الأعرابية تخالفها لا توجب الإقامة بالمدينة على أهلها ويدلك على ذلك أن مالك بن الحويرث وغيره من الأعراب بايعوا رسول الله صلى الله عليه وسلم وأقاموا عنده أياما ثم رجعوا إلى بلادهم وقال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم ارجعوا إلى أهليكم فأقيموا فيهم وعلموهم وصلوا كما رأيتموني أصلي وهذا الأعرابي المذكور في حديث مالك كان والله أعلم ممن بايع رسول الله صلى الله عليه وسلم على المقام بدار الهجرة فمن هنا أبى رسول الله صلى الله عليه وسلم من إقاله بيعته وفي إباء رسول الله صلى الله عليه وسلم من إقالة البيعة دليل على أن العقود عقودا إلى المرء عقدها وليس له حلها ولا نقضها وذلك أن من عقد عقدا يجب عقده ولا يحل نقضه لم يجز له أن ينقضه ولم يحل له فسخه وإن كان الأمر كان إليه في العقد فليس إليه ذلك في النقض
(٢٢٨)