التمهيد - ابن عبد البر - ج ٧ - الصفحة ٢٨
فيه ولا يجوز له ذلك من طريق ضيق أو غير ذلك مما ليس له أن يفعله فجنت جناية أنه ضامنها وإن أوقفها في موضع يعرف الناس مثله توقف فيه الدواب أو يوقف فيه مثل دابته قال ابن حبيب نحو دار نفسه أو باب المسجد أو دار العالم أو القاضي أو ما أشبه ذلك فلا ضمان عليه فيما جنت وكذلك إذا أرسلها في موضع ليس له أن يرسلها فيه ضمن ما جنت وأما قوله صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث والبير جبار فمعناه أنه لا ضمان على رب البير وحافرها إذا سقط فيها إنسان أو دابة أو غير ذلك فتلف وعطب هذا إذا كان حافر البير قد حفرها في موضع يجوز له أن يحفرها فيه مثل أن يحفرها في فنائه أو في ملكه أو في داره أو في صحراء للماشية أو في طريق واسع محتمل ونحو ذلك وهذا كله قول ملك والشافعي وداود وأصحابهم وقول الليث بن سعد قال ابن القاسم قال ملك للإنسان أن يحفر في الطريق بيرا يحدثها للمطر وله أن يحفر إلى جنب حائطه مرحاضا وله أن يحدث في داره ميزابا ولا يضمن ما عطب بشيء من ذلك قال وما حفره في الطريق مما لا يجوز له لضيق الطريق أو لغير ذلك ضمن ما عطب به وقال ابن القاسم أيضا عن ملك إن حفر في داره بيرا لسارق يرصده ليقع فيه أو وضع له حبالات أو شيئا يتلف به السارق فدخل فعطب فهو ضامن قال أبو عمر وجه قوله هذا أنه لم يحفر البير لمنفعته وإنما حفرها قاصدا ليعطب بها غيره فهو الجاني حينئذ والله أعلم وأما الشافعي فلا ضمان عليه عنده في هذا فيما علمت وقال أبو حنيفة وأبو يوسف ومحمد له أن يحدث في الطريق ما لا يضر به قالوا وهو ضامن لما أصابه
(٢٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 23 24 25 26 27 28 29 30 31 32 33 ... » »»