التمهيد - ابن عبد البر - ج ٦ - الصفحة ٩٧
وعلى ما ذكرت لك أن لا كفارة على من نذر معصية إلا تركها فقهاء الحجازيين منهم مالك والشافعي ومن تابعهم وفي هذا الحديث من الفقه أن كل من جعل على نفسه نذرا أن يعصي الله كالجاعل عليه إن الله شفى مريضه أو رد غائبه أو نحو ذلك أن يشرب الخمر أو يقتل أو يزني أو يظلم أحدا ونحو ذلك من المعاصي صغائرها وكبائرها وكالقائل مبتدئا لله علي أن أقتل فلانا أو أشهد عليه بزور أو أبغي عليه وأشفي غيظي بأذاه وما أشبه ذلك من قليل المعاصي وكثيرها فلا يلزمه شيء في ذلك كله لأنه من خطوات الشيطان وعليه تركه فرضا واجبا ولا كفارة عليه غير ذلك بظاهر هذا الحديث لأنه لم يأمره فيه النبي صلى الله عليه وسلم بكفارة وكذلك من نذر ما ليس بطاعة فليس عليه الوفاء به عند مالك ولا كفارة عليه وقال مالك في تأويل هذا الحديث إن حلف أن يمشي إلى الشام أو إلى مصر وأشباه ذلك مما ليس فيه طاعة فليس عليه في ذلك شيء لأنه ليس لله تعالى فيه طاعة (1) وأما قول مالك فيمن قال أنا أحمل هذا العمود أو غيره
(٩٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 92 93 94 95 96 97 98 99 100 101 102 ... » »»