التمهيد - ابن عبد البر - ج ٢ - الصفحة ٢٨٨
مثل قول الله عز وجل * (من إن تأمنه بقنطار) * لم يرد القنطار بعينه وإنما أراد الكثير * (ومنهم من إن تأمنه بدينار) * لم يرد به الدينار بعينه وإنما أراد القليل أي أن منهم من يؤتمن على بيت مال فلا يخون ومنهم من يؤتمن على فلس أو نحوه فيخون على أن قوله صلى الله عليه وسلم روضة من رياض الجنة محتمل ما قال العلماء فيه مما قد ذكرناه فلا حجة لهم في شيء مما ذهبوا إليه والمواضع كلها والبقاع أرض الله فلا يجوز أن يفضل منها شيء على شيء إلا بخبر يجب التسليم له وإني لأعجب ممن يترك قول رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ وقف بمكة على الحزورة وقيل على الحجون وقال والله إني أعلم أنك خير أرض الله وأحبها إلى الله ولولا أن أهلك أخرجوني منك ما خرجت وهذا حديث صحيح رواه أبو سلمة بن عبد الرحمان عن أبي هريرة وعن عبد الله (1266) بن عدي بن الحمراء جميعا عن النبي صلى الله عليه وسلم فكيف يترك مثل هذا النص الثابت ويمال إلى تأويل لا يجامع متأوله عليه أخبرنا عبد الله بن محمد بن عبد المؤمن قال حدثنا أحمد بن جعفر بن حمدان قال حدثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل قال حدثني أبي قال حدثنا أبو اليمان قال أخبرنا شعيب عن الزهري قال أخبرنا أبو سلمة بن عبد الرحمان ان عبد الله بن عدي بن الحمراء الزهري أخبره أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول وهو واقف بالحزورة في سوق مكة والله انك لخير أرض الله وأحب ارض الله إلى الله ولولا أني أخرجت منك ما خرجت وتابع شعيبا على مثل هذا الإسناد سواء صالح بن كيسان ويونس بن يزيد
(٢٨٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 283 284 285 286 287 288 289 290 291 292 293 ... » »»