التمهيد - ابن عبد البر - ج ٢ - الصفحة ٢٥٤
وهو بحنين فالمراد منصرفه من غزوة حنين والموضع الذي لقى فيه الأعرابي رسول الله صلى الله عليه وسلم هو الجعرانة وهو بطريق حنين بقرب ذلك معروف وفيه قسم رسول الله صلى الله عليه وسلم غنائم حنين والآثار المذكورة كلها تدلك على ما ذكرناه ولا تنازع في ذلك إن شاء الله وأما قوله وعلى الاعرابي قميص فالقميص المذكور في حديث مالك هو الجبة المذكورة في حديث غيره ولا خلاف بين العلماء أن المخيط كله من الثياب لا يجوز لباسه للمحرم لنهي رسول الله صلى الله عليه وسلم المحرم عن لباس القمص والسراويلات وسيأتي ذكر هذا المعنى في حديث نافع إن شاء الله وأما قوله وبه أثر صفرة فقد بان بما ذكرنا من الآثار انها كانت صفرة خلوق وهو طيب معمول من الزعفران وقد نهى رسول الله المحرم عن لباس ثوب مسه ورس أو زعفران وأجمع العلماء على أن الطيب كله محرم على الحاج والمعتمر بعد إحرامه وكذلك لباس الثياب واختلفوا في جواز الطيب للمحرم قبل الإحرام بما يبقى عليه بعد الاحرام فأجاز ذلك قوم وكرهه آخرون احتج بهذا الحديث كل من كره الطيب عند الاحرام وقالوا لا يجوز لأحد إذا أراد الاحرام أن يتطيب قبل ان يحرم ثم يحرم لأنه كما لا يجوز للمحرم بإجماع أن يمس طيبا بعد أن يحرم فكذلك لا يجوز له أن يتطيب ثم يحرم لأن بقاء الطيب عليه كابتدائه له بعد إحرامه سواء لا فرق بينهما وأحتجوا بان عمر بن الخطاب وعثمان بن عفان وعبدا لله بن عمر وعثمان بن أبي العاص كرهوا أن يوجد من المحرم شيء من ريح الطيب ولم يرخصوا لأحد أن يتطيب عند إحرامه ثم يحرم وممن قال بهذا من العلماء عطاء بن أبي رباح وسالم بن عبد الله على اختلاف عنه ومالك بن أنس وأصحابه ومحمد بن الحسن
(٢٥٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 249 250 251 252 253 254 255 256 257 258 259 ... » »»